هذا مضافا إلى أنه لم يثبت من الناحية الفقهية نجاسة كل دم ، من هنا أفتى عامة فقهاء الشيعة الإمامية بطهارة دم السمك وبعض الحشرات ، وكذا الدم المتبقي في الذبيحة ، حيث إن الكل دماء ولكنها دماء طاهرة.
وكذا أفتى الفقهاء طبقا لما جاء في الأحاديث الصحيحة أن أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه من ذي النفس السائلة نجس وحرام شربه إلا الحيوانات مأكولة اللحم فقد ورد بالصحيح والموثق طهارة أبوالها وأرواثها وجواز شرب أبوالها لا سيّما الإبل منها.
وعليه : لم يفت الفقهاء بنجاسة كل الدماء ، بل استثنوا بعض الدماء ، ولم يفتوا بنجاسة كل الأبوال بل استثنوا بعض الأبوال. كما لم يقل أحد منهم بنجاسة كل الفضلات بل استثنوا بعض الفضلات.
وإذا كان كذلك فكيف نجعل المعصومين عليهمالسلام داخلين في المستثنى منه ولا نخرجهم من المستثنى ، بل يجب إخراجهم واستثنائهم لآية التطهير على الأقل ، وما أعظمها من دليل ، فضلا على ما مر سابقا من الأدلة النقلية الواردة في المقام.
وزبدة المقال :
إن طهارتهم عليهمالسلام بكلا قسميها مما لا ينبغي أن يرتاب فيها فقيه جاس خلال الديار بردّ الفروع إلى الأصول والقواعد الواردة عن مشكاة النبوة والولاية ، والشاك بما قلنا لا أظنه يحصل على يقين بأمثالها لوضوحها عند من تجرد عن العلائق النفسانية والعصبيّة بالتحزّب للكبراء من أعاظم العلماء ، لأنّ من كان همه الحق المتعال لا يشغله عنه القيل والقال (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) (١).
__________________
(١) سورة الكهف : ٢٩.