والجواب
١ ـ إنّ قياس الآية المباركة على قول أبي النجم فاسد ، لأن هذه الصناعة الكلامية إنما تصح في موارد العام والخاص والمطلق والمقيد ونظائر ذلك ، وليس المقام هنا من موارد العام والخاص وشبههما حتى يدّعى أنهما ـ الآية والشعر ـ من باب ومورد واحد.
٢ ـ إنّ قوله تعالى (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) لا يجري فيه مثل هذه العناية «فإن الرسالة التي هي مجموع الدين أو أصله على تقدير نزول الآية في أول البعثة أمر واحد غير مختلف ولا متغير حتى يصح أن يقال : إن لم تبلّغ هذه الرسالة فما بلّغت تلك الرسالة ، أو لم تبلّغ أصل الرسالة فإن المفروض أنه أصل الرسالة التي هي مجموع المعارف الدينية» (١).
٣ ـ القول بأنّ آية التبليغ آمرة بتبليغ كلّ الدين مخالف للضرورة والوجدان ، وذلك لأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بلّغ الدين تدريجا ، حتى لم يترك شيئا إلّا بلّغه ، فتبليغ كل الدين ، إنما كان بالقرآن كله لا بآية التبليغ.
وهم ودفع :
قد يتوهم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أمر في الآية المذكورة بتبليغ الدين كله تدريجا ، فيندفع ما ذهب إليه الشيعة الإمامية من أن خلافة الإمام عليّ عليهالسلام هي مورد نزول الآية الكريمة.
وهو مندفع :
بأنّ ذلك يستدعي أن تكون آية البلاغ أول آية نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يقل به أحد ، فيكون هذا التوهم ضروري البطلان. هذا مضافا إلى أن الأمر بالتبليغ بعد أن بلّغ الدين يعتبر تحصيلا حاصلا يقبح صدوره من الله تعالى للزوم اللغوية لقوله
__________________
(١) تفسير الميزان ج ٦ / ٤٥.