تعالى (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) من حيث كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بلّغ الرسالة قبل نزول الآية الكريمة ، وللتبادر من أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قصّر في تبليغ كل الأحكام وهو منفّر من قبول الدعوة ، ولاستلزامه التقصير في أداء أحكامها ، وقد نزّهه الله عزوجل عن كل ذلك.
الإشكال الرابع :
إنّ توسط آية البلاغ بين الآيات المتعلقة باليهود والنصارى دليل على أن موردها غير ما اعتقده الشيعة الإمامية.
والجواب :
١ ـ أن الإشكال المذكور مبني على وحدة السياق وقد ذكرنا بطلانه.
٢ ـ أن توسطها بين الآيات الحاكية عن مكر اليهود والنصارى لإشارة إلى أن المنافقين بمنزلة اليهود والنصارى ومن سنخهم في الضلال والكفر بل أشدّ كفرا منهم ، لذا حكم بارتدادهم في أخبار الحوض.
وزبدة المخض :
أن الآية الشريفة ، وإن وقعت في سياق آيات تتحدث عن أهل الكتاب إلّا أنّ مورد نزولها هو تنصيب أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام خليفة على المسلمين ، ويشهد لهذا ما قلنا سابقا ، ولأن قوله تعالى (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) يدلّ على أهمية الحكم المنزل الذي أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغه ، ويدل على أنّ في التبليغ مخافة الخطر على نفس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على دين الله سبحانه ، ومن البديهي أن الخطر المذكور لم يتوجّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل الكتاب حتى يستدعي وعد الله بالعصمة منهم ، بل المعلوم من سيرة النبيّ أنه قد بلّغ ما أمر به لأهل الكتاب ، حتى في أوائل هجرته إلى المدينة حيث كان اليهود في أحسن حالاتهم من البطش والقوة ، هذا مضافا إلى أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بلّغ ما هو أشدّ من ذلك ، وهو تبليغ التوحيد ونفي الوثنية إلى كفّار قريش ومشركي العرب ، وهم أغلظ جانبا ، وأشد بطشا ، وأسفك للدماء من