الشورى ناظرة إلى مدح التشاور في الأمور العامة ، كما يؤكد على ذلك ما قيل في سبب نزول الآية ، من أن الأنصار كانوا قبل قدوم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ، ثم عملوا عليه فمدحهم الله تعالى به.
وعليه فإن كلام العامة يرتدّ عليهم ، حيث جعلوا آية الشورى خاصة بالخلافة ، فجعلوا القرآن كتابا حزبيا لهم ، مع أن آية الشورى لا ترتبط بمسألة الخلافة.
وعليه فإن الآية المباركة ليست أجنبية عن الخلافة بل هي أجنبية عمّا قبلها وبعدها من الآيات المتعلقة بمكر اليهود والنصارى ، ومن المعلوم أنه لم تكن لليهود والنصارى شوكة يخشى منها النبي أن يبلّغ ما أنزل إليه ، فالمناسب أن النبي خاف منافقي قومه ، ومن الواضح أنه لا يخشاهم من تبليغ شيء جاء به إلّا نصب الإمام عليّ عليهالسلام إماما عداوة وحسدا له ، وقد ورد عندنا أن جبرائيل عليهالسلام نزل على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع بأن ينصب الإمام عليا خليفة له فضاق رسول الله به ذرعا مخافة تكذيب أهل الإفك ، وقال لجبرائيل إن قومي لم يقروا لي بالنبوة إلا بعد أن جاهدتهم فكيف يقرون لعليّ بالإمامة في كلمة واحدة وعزم على نصبه بالمدينة ، فلما وصل إلى غدير خم نزل عليه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ولما سار بعد نصبه ووصل العقبة دحرجوا له الدباب لينفروا ناقته ويقتلوه فينقضوا فعله ، فعصمه الله سبحانه منهم ، ثم أراد أن يؤكد عليه النص في كتاب لا يضلون بعده فنسبوه إلى الهجر وأراد تسييرهم بجيش أسامة فعصوه ، أفبعد هذا يقال : إن الآية أجنبية عن مقام خلافة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام؟!
ويجدر بنا هنا أن نبحث في حديث الغدير في نقاط ثلاث :
النقطة الأولى : سند الحديث وتواتره.
حديث الغدر من الأحاديث المتواترة المشهورة منذ عصر النبيّ إلى زماننا