هذه نظريتهم المشهورة في تحديد التواتر ، لكنّهم إذا وقفوا على حديث الغدير اتخذوا له حدّا أعلى لم تبلغه رواية مائة وعشر صحابي أو أكثر ، بالغا ما بلغ (١).
وزبدة المقال :
إن حديث الغدير من أصح الأحاديث الدالة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل التحية والسلام ، ولم يختلف على صحته اثنان من الإمامية ، حيث أشبعوا البحث عنه من حيث السند والتوثيق والمتن والدلالة في مؤلفات كثيرة تبلغ المئات ، قديما وحديثا ، ناهيك عمّا كتبه علماء العامة دفاعا عن هذا الحديث سندا ودلالة لكنّ بعضهم شكّك بدلالة لفظ «المولى» من حيث ادعائهم انصرافها إلى معان مشتركة.
ويا للأسف يأتي من (٢) ينسب نفسه إلى الإمامية فيشكّك بالسند بعد تسليم جمهور العامة به ، فلا يروق له أن يبحث العامة في الدلالة ، مع أن الطريق للبحث في السند له مجال ـ حسب زعمه ـ ضاربا تواتر الحديث وقوة سنده عرض الجدار ، غير مبال لأصول التشيع كدين شيّد بنيانه النبيّ الأكرم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أنه لم يأتنا ببرهان على مدعاه سوى ما أدى إليه ظنه الشخصي الذي هو أقرب إلى الاستحسانات الأشعرية منه إلى الأدلة والبراهين الشرعية والمنطقية.
فلم يعجبه سند حديث الغدير الذي تصافقت الأمة على صحته وروي بطرق كثيرة جدا من الطرفين ، مدعيا أن السند فيه نقاش تأكيدا لمناقشة الدلالة ، فقال : «إنّ مشكلتنا هي أن حديث الغدير هو من الأحاديث المروية بشكل مكثّف من السنّة والشيعة ، ولذلك فإن الكثير من إخواننا المسلمين السنّة يناقشون الدلالة ولا يناقشون السند ، في الوقت الذي لا بدّ أن تدرس القضية من خلال ذلك أيضا ..» (٣).
__________________
(١) الغدير : ج ١ / ٣٢٢.
(٢) هو السيّد محمد حسين فضل الله.
(٣) الندوة : ج ١ / ٤٢٢.