وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنّا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفّر من دان به وهو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا»(١).
(النقطة الثانية) : في دلالة الحديث.
لا يرتاب الشيعة الإمامية في أن مدلول حديث الغدير حجة قاطعة على أن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إمام له ما للرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الولاية على الأنفس والأموال وما شابه ذلك ؛ فالحديث يثبت خلافته عليهالسلام على الأمة الإسلامية بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بغدير خم ، عند مرجعه من حجة الوداع : ألست أولى بكم من أنفسكم؟
فلما أذعنوا له بالإقرار قال لهم على النسق من غير فصل في الكلام : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله. وكلمة «مولى» لغة بمعنى «الأولى بالتصرف» الدال على الإمامة ، حيث يراد بها الأولى بالتصرف والطاعة ، لكنّ المخالفين شكّكوا بالوضع اللغوي لكلمة «مولى» مدعين أن «المولى» في الحديث كلمة مشتركة بين معان أخر ، والقدر الجامع بينها هو أن «المولى» بمعنى الناصر والمحب.
وهذا التأويل الذي انتهجه العامة مردود بشواهد من اللغة ، ولما في الحديث من قرائن داخلية وخارجية تعيّن المعنى الذي نعتقد به نحن الشيعة الإمامية لأنه الأصل في اللغة ، الذي ترجع إليه المعاني في باقي الأقسام ، فلا يقال في اللغة العربية «هو مولى دين الله» مكان «ناصر دين الله» ولا يصح تبديل قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (٢) إلى «من مواليّ إلى الله» أو تبديل قول الحواريين (نحن أنصار الله) إلى «نحن مواليّ الله».
__________________
(١) أصول الكافي ج ٢ / ٢٢٣.
(٢) سورة الصف : ١٤.