كما لا يصح تبديل «مأواكم النار» في قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١) إلى قوله «ناصركم أو محبكم النار» بل الأولى أن يقال هي «أولى بكم» وقد نص على ذلك ثلة من مفسري العامة (٢) ، وذكره المحققون من أهل اللغة (٣) ، قال أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها (٤) |
يريد أولى المخافة.
وذكر أهل اللغة لكلمة «مولى» أكثر من ثلاثين معنى ، ذكر جلّها ابن منظور (٥) ، لكنّ عشرة منها هي القدر المتيقن لورودها في الأحاديث الشريفة ، ولتمسّك أهل العلم والكلام بها في توجيه حديث الغدير وهذه المعاني هي : «المالك ، والعبد ، والمعتق ، والمعتق ، والصاحب ، والقريب كابن العم ونحوه ، الجار ، الحليف ، الابن ، العمّ ، النّزيل ، الشريك ، ابن الأخت ، الوليّ ، الربّ ، الناصر ، المنعم ، والمنعم عليه ، المحب ، التابع ، الصّهر».
والحق أنه ليس للمولى إلّا معنى واحد هو «الأولى بالتصرف» ، وتختلف هذه الأولوية بحسب الاستعمال في كل مورد من موارده ، والاشتراك معنوي واستعماله أولى من الاشتراك اللفظي المستتبع لألفاظ كثيرة غير معلومة بنص ثابت ، والمنفية بالأصل المحكّم ، وهذا المعنى الواحد ، وهو الأولى بالشيء جامع
__________________
(١) سورة الحديد : ١٥.
(٢) يراجع : تفسير البيضاوي ج ٢ / ٤٦٩ وتفسير الرازي ج ٢٩ / ٢٢٧ حكاه أيضا عن ابن عباس والكلبي وصحيح البخاري ج ٧ / ٢٤٠.
(٣) مثل الفراء يحيى بن زياد الكوفي وأبي عبيدة معمر بن المثنى البصري والزجاج كما حكاه الفخر الرازي في التفسير ج ٢٩ / ٢٢٧.
(٤) لسان العرب ج ١٥ / ٤١٠.
(٥) لسان العرب ج ١٥ / ٤٠٦ ـ ٤١٥.