إلى غير ذلك من المعاني التي هي أشبه بموارد الاستعمال ، والأولوية مأخوذة فيها بنوع من العناية.
فالمولى في الحديث الشريف بمعنى الأولى أو بمعنى الولي ، وأن ما ذكر للمولى من المعاني المختلفة ، فليس من قبيل المعاني المختلفة حتى يحتاج تفسير المولى بالأولى إلى قرينة معيّنة ، بل من قبيل المصاديق.
فجميع المعاني المتقدمة ترجع إلى معنى الأولى ، لكنّ عناد النواصب دعاهم إلى أن جحد بعضهم أن يكون «الأولى» أحد أقسام المولى ، أو يحصل ذلك في معناه ، واعترف بعضهم أنفة من العناد ، وادعوا أنه مجاز من الأقسام ، وفيما قدمناه من الدليل على أنه الأصل والعماد بيان فضيحة هؤلاء الأوغاد.
على أنه لا فصل بينهم وبين من جحد بقية الأقسام ما عدا «الأولى» أو «الولي» مقتصرا على الأول ، مدعيا فيها الاستعارة والمجاز ، فإنه بهذه الدعوى أقرب إلى الصواب لما شرحناه.
وهناك قرائن حالية (١) ومقالية دالة على أن المراد من «المولى» هو «الأولى بالتصرف أو الوليّ». أما القرائن الحالية : فبيانها أنه لو كان لفظ «مولى» مشتركا بين المعاني التي تلوناها عليك ، إلّا أنه لا يمكن إرادة غيره في المقام ، إما لاستلزامه الكفر ، كما إذا أريد منه الرب ؛ أو الكذب : كما إذا أريد منه العم ، والابن ، وابن الأخت ، ومالك الرق حيث لم يكن أمير المؤمنين مالكا لرق كل من ملك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رقه ، فيكون بذلك مولى من كان مولاه ، وكذا لم يكن الإمام عليّ عليهالسلام معتقا لكل من أعتقه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الرق ، فيكون لذلك مولاه ، ولا كان عليهالسلام معتقا من رق ، ولا الرسول كذلك حاشاهما من ذلك. ولم يجز أن يعني من كنت ابن عمّه فعليّ ابن عمّه ، لأن هذا لغو من الكلام مع معرفة جميع
__________________
(١) الفرق بين القرينة الحالية والمقالية ، أن الأولى هي ما احتف بها الكلام الصادر من الرسول من ظروف زمانية ومكانية ، أما الثانية فهي : ما اتصل بالكلام نفسه من الجمل والعبارات.