تنبيه :
حتى لو قلنا أن «المولى» بمعنى المحبة والنصرة كما يقول العامة ، فإنّ تقديم النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم لابن عمه وصهره أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على بقية الصحابة في المحبة والنصرة ، فيه دلالة قطعية على رفعته وعظمته وأهليته للخلافة والإمامة ، وإلّا فما الداعي لتخصيصه بالمحبة والنصرة دون غيره من الصحابة؟! اللهم إلّا أن يكون المقصود هو الإمامة التي من لوازمها المحبة والنصرة ، وأي معنى للأمر بمحبته ونصرته إن لم تكن هذه النصرة أو المحبة ملازمة لادعائه الإمامة وهو عليهالسلام محقّ بدعواه ، كيف لا! والحق يدور معه حيثما دار. وبالجملة :
إن حديث الغدير دلالة قطعية على إمامة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لتلك القرائن المتقدمة وغيرها ، فلفظة «المولى» سواء كانت نصا في المعنى المستفاد بالوضع اللغوي أو مجملة في مفادها لاشتراكها بين معان جمة ، وسواء كانت عريّة عن القرائن لإثبات ما ندّعيه من معنى الإمامة أو محتفّة بها ، فإنها في المقام لا تدل إلّا على ذلك لفهم من وعاه من الحضور في ذلك المحتشد العظيم ، ومن بلغه النبأ بعد حين ممّن يحتجّ بقوله في اللغة من غير نكير بينهم ، وتتابع هذا الفهم فيمن بعدهم من الشعراء ورجالات الأدب حتى عصرنا الحاضر ، وذلك حجّة قاطعة في المعنى المراد.
وهناك زرافات من الناس فهموا من اللفظ هذا المعنى وإن لم يعربوا عنه بقريض لكنّهم أبدوه في صريح كلماتهم ، أو أنه ظهر من لوائح خطابهم ، ومن أولئك الشيخان أبو بكر وعمر ، وقد أتيا أمير المؤمنين عليهالسلام مهنئين ومبايعين وهما يقولان : «أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة» (١).
__________________
(١) أخرجه الطبري محمد بن جرير في كتاب الولاية ، وأحمد بن محمد الطبري الشهير بالخليلي في كتاب مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب. المصنّف ، مسند أحمد ج ٤ / ٢٨١ ، تفسير الطبري ـ