المستقيم (١) ، وفي لفظ آخر : وأن تؤمروا عليّا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم (٢).
فطفق صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعو لمن والاه ونصره ، وعلى من عاداه وخذله ليتمّ له أمر الخلافة ، وليعلم الناس أنّ موالاته مجلبة لموالاة الله سبحانه ، وأن عداؤه وخذلانه مدعاة لغضب الله وسخطه ، فيزدلف إلى الحق وأهله ، ومثل هذا الدعاء بلفظ العام لا يكون إلّا فيمن هذا شأنه ، ولذلك إنّ أفراد المؤمنين الذين أوجب الله محبة بعضهم لبعض لم يؤثر فيهم هذا القول ، فإن منافرة بعضهم لبعض لا يبلغ بالنبيّ هذا المبلغ من الدعاء ، وإنما يحصل مثله فيما إذا كان المدعوّ له دعامة الدين ، وعلم الإسلام ، وإمام الأمة ، وبالتثبيط عنه يكون فتّ في عضد الحقّ وانحلال لعرى الإسلام.
الوجه الثاني :
إن هذا الدعاء بعمومه الأفرادي بالموصول ، والأزماني والأحوالي بحذف المتعلّق تدلّ على عصمة الإمام عليهالسلام لإفادته وجوب موالاته ونصرته ، ووجوب الانحياز عن العداء له وخذلانه على كل أحد في كل حين وعلى كل حال ، وذلك يوجب أن يكون عليهالسلام في كل تلك الأحوال على صفة لا تصدر منه معصية ، ولا يقول إلّا الحق ، ولا يعمل إلّا به ، ولا يكون إلّا معه ، لأنه لو صدر منه شيء من المعصية لوجب الإنكار عليه ونصب العداء له لعمله المنكر والتخذيل عنه ، فحيث لم يستثن صلىاللهعليهوآلهوسلم من لفظه العام شيئا من أطواره وأزمانه علمنا أنه لم يكن عليهالسلام في كل تلك المدد والأطوار إلّا على الصفة التي ذكرناها ، وصاحب هذه الصفة يجب أن يكون إماما لقبح أن يأمّه من هو دونه على ما هو المقرّر في محله ، وإذا كان إماما فهو أولى الناس منهم بأنفسهم.
__________________
(١) حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ / ٦٤.
(٢) كنز العمّال ج ٦ / ١٦٠.