لم يعملوا بمضمونه ، من هنا ذكّرهم الإمام عليّ عليهالسلام يوم الرحبة بالحديث فصدقوه عليه (١).
الإيراد الثاني :
إنّ أحدا من أئمة العربية لم يذكر مجيء «مفعل» بمعنى «افعل» الموضوع لإفادة التفضيل ، لكون الاستعمال على خلاف الاقتران ، لجواز أن يقال هو أولى من كذا دون مولى من كذا ، ولو سلم مجيء «مفعل» بمعنى «افعل» فأين الدليل على أن المراد بالمولى الأولى بالتصرف والتدبير ، بل يجوز أن يراد الأولى في أمر من الأمور كما قال تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) وأراد الأولوية في الاتباع والاختصاص به والقرب منه لا في التصرف به ، فالتلامذة يقولون نحن أولى بأستاذنا والاتباع يقولون نحن أولى بسلطاننا ولا يريدون الأولوية في التدبير والتصرف ، ولصحة الاستفسار إذ يجوز أن يقال : في أي شيء هو أولى؟ أفي نصرته أو محبته أو التصرف فيه ، ولصحة التقسيم بأن يقال كونه أولى به : إما في نصرته وإما في ضبط أمواله ، وإما في تدبيره والتصرف فيه ، وحينئذ لا يدل الحديث على إمامته (٢).
وفيه أيضا :
(أولا): إن لفظ مولى يراد به لغة الأولى ، أو أنه أحد معانيه ، فها هم أعلام التفسير واللغة عرفوا أن هذا المعنى من معاني اللفظ اللغوية ، وإلا لما صح لهم تفسيره بذلك ، فقد أشار هؤلاء الأعلام في تفسير قوله تعالى في سورة الحديد (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) الآية : ١٥.
__________________
(١) روى حديث المناشدة في الرحبة بأسانيد متعددة ابن الأثير في النهاية ج ٤ / ١٦٠.
(٢) شرح التجريد للقوشجي ص ٣٦٩. شرح المواقف ج ٨ / ٣٦١ وقد نقله الجرجاني عن الإيجي ورد عليه.