من التركيب فإنّه يقال : عندي درهم غير جيّد. ولم يجز : عندي درهم إلّا جيّد. ويقال : إنك عالم. ولا يقال : إن أنت عالم. ويدخل «إلى» إلى المضمر دون حتّى مع وحدة المعنى. وكذا أم وأو فإنهما للترديد ويفرقان في التركيب بأربعة أوجه ، وكذلك هل والهمزة فإنهما للاستفهام ويفرقان بعشرة فوارق ، وأيّان وحتى مع اتحادهما في المعنى يفرقان بثلاث ، وكم وكأيّن بمعنى واحد ويفرقان بخمسة ، وأيّ ومن يفرقان بستة مع اتحادهما.
رابعا :
إن التقييد بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «من أنفسكم» دليل على أن المراد بالأولى هو الأولى بالتصرّف دون الأولى في أمر من الأمور ، إذ لا معنى للأولوية من الناس بنفس الناس إلا الأولوية في التصرّف ، نعم لو لم يوجد القيد لتمت المعارضة بقوله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) حسبما ادّعى القوشجي أو قد يدّعي البعض معارضة هذه الآية لقول النبيّ «من أنفسكم» فإنه لو كان نظم الآية مثلا : إن أولى الناس بإبراهيم من نفسه ، لكان المراد الأولى بالتصرّف.
وزبدة المخض :
إن دعوى عدم صحة اقتران كلّ منهما (مفعل وافعل) بما يقارنه الآخر ممنوعة ، وذلك لأن كون أحد اللفظين بمعنى الآخر لا يقتضي صحة اقترانه بكل ما يقترن به الآخر ، ولا جريان حكم أحدهما على الآخر مطلقا ألا ترى أن الصلاة بمعنى الدعاء مع أن تعدية الأول «بعلى» وتعدية الثاني «باللام» ، فيقال : صلّى عليه ودعا له ، ولو قيل دعا عليه لم يكن بمعناه ، وأن أداة إلّا بمعنى غير لا يجوز حذف موصوفها ، ولا يقال جاءني إلّا زيد ، بخلاف غير فإنه يقال : جاءني غير زيد ، والسرّ في ذلك أن استعمالات كلام العرب منوطة على التوقيف والتوظيف ، فكل مقام استعملت فيه كلمة مخصوصة على كيفية خاصة فلا بدّ من متابعتها ، ولا يجوز التعدي عنها لبطلان القياس في اللغات.