الإيراد السادس :
ما تمحّله بعض (١) العامة ؛ وسبب ذلك :
إن أسامة بن زيد قال للإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : لست مولاي ، إنما مولاي ـ أي معتقي ـ رسول الله ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه.
فالحديث ـ بزعم هذا المستشكل ـ ورد في عتق الإمام عليّ عليهالسلام لأسامة لا أنه مولى المؤمنين.
والجواب :
(١) إن هذه الرواية المجهولة لا تعارض الروايات المتواترة التي دلت على المقصود وهي الخلافة وأشاد بها القرآن الكريم ، وكأنّ من روى هذه المجهولة أراد حطا من عظمة الحديث ، وتحطيما لمنعته فصوّره بصورة مصغّرة لا تعدو عن أن تكون قضية شخصية ، وحوارا بين اثنين من أفراد الأمة ، أصلحه رسول الله بكلمته هذه ، والراوي يجهل أو يتجاهل عن أنه تخصمه على تلك المزعمة الأحاديث المتضافرة في سبب الإشادة بذلك الذكر الحكيم من نزول آية التبليغ إلى مقدّمات ومقارنات أخرى لا يلتئم شيء منها مع هذه الأكذوبة ، ومثلها الآية الكريمة الناصّة بكمال الدين ، وتمام النعمة ، ورضى الربّ بذلك الهتاف المبين ، والإصلاح بين متخاصمين تلاحيا علة لإكمال الدين وإتمام النعمة ، لكن ذهب على الرجل أنه لم يزد في الحديث إلّا تأكيدا في المعنى الذي يقوله الإمامية ، وحجة على الخصم على تقدير الصحة.
فهب أنّ السبب لذلك البيان الواضح هو ما ذكر لكنّا نقول : إنّ ما أنكره أسامة على أمير المؤمنين عليهالسلام من معنى المولى وأثبته لرسول الله خاصة دون أيّ أحد ، لا بدّ أن يكون شيئا فيه تفضيل لا معنى ينوء به كلّ أحد حتى أسامة نفسه ،
__________________
(١) أمثال : ابن الأثير في النهاية ج ٥ / ٢٢٧ والحلبي في السيرة ج ٣ / ٣٠٤ وابن منظور في لسان العرب ج ١٥ / ٤١٠.