وأخرج أحمد وابن ماجه عن عمر أيضا : أن النبيّ قال له : يا أخي أشركنا في صالح دعائك ولا تنسنا.
وبالجملة : المباهلة إنما تقع بين الخصمين ، ومن المعلوم أن خصم أهل نجران هو النبيّ خاصة ، لكن لمّا كان إدخال الإمام عليّ والصدّيقة فاطمة وولديهما الإمامين الحسن والحسين معه في المباهلة يشتمل على فرائد أدخلهم معه :
الأولى : إظهار اعتماده على أنه المحق ، فإنّ إدخال أعزّ الناس في محل الخطر دليل على صوابية طرحه وعلى اعتقاده بالنجاح والسلامة.
الثانية : الاستسعاد بهم والاستعانة بدعائهم ، ولذا أمرهم بالتأمين على دعائه ، ولو كان ما ذكره الفضل صحيحا ـ من أن سر طلب التأمين شمول البهلة لهم لا الاستعانة بدعائهم ـ لكان خروجهم معه كاف في شمول البهلة لهم بلا حاجة إلى تأمينهم ، ولو كان التأمين هو السرّ في شمول البهلة لهم ، فمن أين علم شمولها لقوم النبيّ وأتباعه ولم يأخذهم معه وما أراد تأمينهم.
الثالثة : بيان فضلهم على الأمة بإشراكهم معه كما أمر الله تعالى دون أقاربه وخاصته في إثبات دعوى النبوة بالمقام الشهير المشهود ، فإنه منزلة عظمى لا سيّما للإمام عليّ عليهالسلام الذي عبّر الله سبحانه عنه بنفس النبيّ.
ودعوى أن عادة المباهلة أن يجمع الرجل أهله وقومه وأولاده كاذبة وإلّا لما خالفها النبيّ ، ولاعترض عليه النصارى في المخالفة ، كدعوى شمول البهلة للأتباع وإلّا لأدخل النبيّ معه ولو واحدا منهم ، وكون وجوده هو الأصل والمدار فيستغني عن وجودهم وارد في المرأة والطفلين بالأولوية ، فلم لا أستغني عنهم (١).
وقوله «ليكون أهيب في عيون المباهلين» يضحك الثكلى ، وذلك لأنه لو كان الداعي لوجودهم هو الهيبة فلم خصّ شابا وامرأة وطفلين وترك المشايخ الكبار والحفدة والأنصار؟!
__________________
(١) دلائل الصدق ج ٢ / ٢٥١.