يمتنع عن القيام بتلك السبّة المخزية ، وكان يسع لبعض النفوس الشريفة أن يتخلّف عنها ، غير أن شدّة معاوية الحليم في إجراء أحدوثته ، وسطوة عماله الخصماء الألداء على أهل بيت الوحي ، وتهالكهم دون تدعيم تلك الإمرة الغاشمة وتنفيذ تلك البدعة الملعونة ، حكمت في البلاد حتى عمّت البلوى وخضعت إليها الرقاب .. فكانت العادة مستمرة منذ شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام إلى نهي عمر بن عبد العزيز طيلة أربعين سنة على صهوات المنابر وفي الحواضر الإسلامية كلها من الشام إلى الري إلى الكوفة إلى البصرة إلى عاصمة الإسلام المدينة المشرّفة إلى حرم أمن الله مكة المعظّمة إلى مشرق العالم الإسلامي وغربه ، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء ، لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبر سجستان إلا مرّة ..».
فهنا صرّح قدّس سره : أن اللعن دام أربعين سنة في حين لو دققنا بالفترة ما بين حكم معاوية وعمر بن عبد العزيز لكان العدد فاق الأربعين قطعا.
إذن هناك تسامح بتحديد الفترة بدقة ؛ لكنّ القدر المتيقن أن السبّ بقي أربعين عاما بالضبط ، أما الزائد فمختلف فيه ، والله أعلم بحقائق الأمور.
الإيراد الحادي عشر : مفاده : أن الكتاب خلط بين السبّ واللعن ، حيث ادّعى الكتاب جواز سبّ الصحابي المنحرف ، ولكنه استدل بما يثبت جواز اللعن لا السبّ.
والحق أن يقال :
إنّ هذا الإيراد صحيح لا غبار عليه ، لكن سبحان من لا ينسى ولا يجهل. لكن قد يقال : إن السب من اللوازم البعيدة للعن ، لأن اللعن عبارة عن الطرد من الرحمة الإلهية والسب عبارة عن الانتقاص من الفاسقين والمارقين والكافرين ، وجواز لعن هؤلاء وطردهم من الرحمة يستتبع الانتقاص منهم وعدم