ورحل ودخل أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة الظهر والعصر فصاح المسلمون يا أمير المؤمنين وجبت صلاة العصر وقد دخل وقتها فعند ذلك قال : أيّها الناس هذه أرض قد خسف الله بها ثلاث مرات وعليه تمام الرابعة فلا يحلّ لنبي ولا لوصي نبيّ أن يصلي فيها لأنها أرض مسخوطة عليها فمن أراد منكم الصلاة فليصلّ قال حوفرة (١) بن مسهر العبدي فتبعته في مائة فارس وقلت لأقلدنّ عليّا صلاتي اليوم قال : وسار أمير المؤمنين رضي الله عنه إلى أن قطع أرض بابل ونزلت الشمس للغروب ثم غابت واحمرّ الأفق قال : فأقبل إليّ وقال : يا حوفرة هات الماء قال فتقدمت إليه فتوضأ ثم قال : أذّن للعصر فقلت : يا مولاي أذن للعصر وقد وجبت العشاء وغربت الشمس ولكن عليّ الطاعة فأذّنت فقال لي : أقم الصلاة ففعلت فجعل عليهالسلام يحرك شفتيه بكلام كأنه منطق الخطاف ولم يفهم فإذا بالشمس رجعت بصرير عظيم حتى وقفت في مركزها من العصر فقامعليهالسلام وكبّر وصلّى العصر وصلّيت ورائه فلمّا أديناها وسلّم وقعت إلى الأرض كأنها وقعت في طست وغابت واشتبكت النجوم فالتفت إلي وقال : أذّنوا الآن للمغرب يا ضعفاء القلوب قال :
فأذّنت وصلّينا المغرب فهو عليهالسلام آية الله في أرضه وسمائه (٢).
هاتان الروايتان استفاضت كتب الحديث والتاريخ بذكرهما ، ولكن أورد على هذه الكرامة بإيرادات هي :
الإيراد الأول :
لو كان لواقعة ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أصل لكانت من أعظم عجائب العالم التي تتوفر الدواعي إلى نقلها ولم يختص نقلها بالقليل (٣).
__________________
(١) الأصح (جويرية).
(٢) إحقاق الحق ج ٥ / ٥٣٨ نقلا عن بحر المناقب ص ١١٧ وينابيع المودة ص ١٢٨ ، وبحار الأنوار ج ٤١ / ١٧٨ ح ١٣ و ١٤ نقلا عن بصائر الدرجات.
(٣) هذا الإيراد لابن تيمية وابن الجوزي.