أمير المؤمنين عليّا كره أن ينهض لأداء الصلاة فيزعج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ألا يقتضي هذا أن يكون عليهالسلام عاصيا بترك الصلاة؟! وبما أنه منزه عن ذلك فلا بدّ من إنكار أصل الواقعة هروبا من المحذور المتقدّم.
والجواب :
(١) إنّما يكون عاصيا عليهالسلام ـ وحاشاه عن ذلك ـ إذا ترك الصلاة بغير عذر ، وإزعاج النبيّ لا ينكر أن يكون عذرا في ترك الصلاة ، بمعنى أن إزعاج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يعتبر سببا وعذرا لترك الصلاة ، فكما أن وجوب الصلاة كان بأمر الله تعالى وتشريعه كذا تركها إنّما هو بأمر الله تعالى وتشريعه ، نظير ذلك حرمة الصلاة على الحائض ، فالأمر بالترك أهم من الأمر بإتيان الصلاة. من هنا نعلم أن ملاكات الأحكام بعضها أهم من بعض ، فملاك الحرمة أهم من ملاك الوجوب ـ في أكثر الأحيان ـ حال التزاحم ، لذا أفتى مشهور فقهاء الشيعة بوجوب تقديم إنقاذ الغريق على الصلاة حال التزاحم ، ومسألتنا من هذا القبيل فإن التزاحم حصل بين وجوب الصلاة وبين وجوب إطاعة الله بواسطة أمر جبرائيل لأمير المؤمنين بأخذ رأس ابن عمه رسول الله ، فلا شك في وجوب تقديم أمر الله تعالى في هذا المورد لعلمه بأنّ الله عزوجل لا يريد الواجب الآخر ـ أعني الصلاة في وقتها المتأخر ـ تعبدا وامتثالا أو لحكمة أخرى.
فإن قيل :
الأعذار في ترك جميع أفعال الصلاة لا تكون إلّا بفقد العقل والتمييز كالنوم والإغماء وما شاكلهما ، ولم يكن عليهالسلام في تلك الحال بهذه الصفة ، فأما الأعذار التي يكون معها العقل والتمييز ثابتين كالزمانة والرباط والقيد والمرض الشديد واشتباك القتال ، فإنما يكون عذرا في استيفاء أفعال الصلاة وليس بعذر في تركها أصلا ، فإن كل معذور ممن ذكرنا يصلّيها على حسب طاقته ولو بالإيماء.
قلنا :