جعشم ، وهو من جملة من توجه لطلبه ، فقال له أبو بكر : هذا سراقة قد قرب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم اكفنا سراقة» ، فأخذت الأرض قوائم فرسه إلى إبطها ، فقال سراقة : يا محمد ادع الله أن يطلقني ولك عليّ أن أردّ من جاء يطلبك ولا أعين عليك أبدا ، فقال : «اللهم إن كان صادقا فأطلق عن فرسه» ، فأطلق الله عنه ، ثم أسلم سراقة وحسن إسلامه.
ومن أعلامه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم انفرد في غزوة ذي أمر عن أصحابه واضطجع وحده فوقف عليه دعثور فسل سيفه وقال : يا محمد من يمنعك مني؟ فقال : «الله» ، فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال له : «من يمنعك مني»؟ قال : لا أحد ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله ، وعاد إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ، وفيه نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) (١٣).
ومن أعلامه : أن الناس لما انهزموا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين وهو معتزل عنهم رآه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة فقال : اليوم أدرك ثأري وأقتل محمدا لأن أباه قتل يوم أحد في جماعة أخوته وأعمامه ، قال شيبة : فلما أردت قتله أقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذلك فعلمت أنه ممنوع (١٤).
ومن أعلامه : أن عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وهو أخو لبيد بن ربيعة الشاعر لأمه وفدا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قومهما من بني عامر ، فقال عامر لأربد : إذا أقدمنا على محمد فإني شاغل عنك وجهه فأعله أنت بالسيف حتى تقتله ، قال أربد : أفعل ، ثم أقبل عامر يمشي وكان رجلا جميلا حتى قام على رأس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد ما لي إن أسلمت؟ فقال : «لك ما للإسلام وعليك ما على الإسلام» ، قال : ألا تجعلني الوالي من بعدك؟ قال : «ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنة الخيل تغزو بها» ، قال : أو ليست لي اليوم
__________________
(١٣) سورة المائدة الآية (١١).
(١٤) ممنوع : أي لا يقدر أحد على إيذائه أو الاقتراب منه بشرّ.