ولكن اجعل لي ولك المدد ، قال : «ليس ذلك لك ،» ، فقال : قم يا محمد إلى هاهنا ، فقام إليه فوضع عامر يده بين منكبيه ثم أومأ إلى أربد أن اضرب فسل أربد سيفه قريبا من ذراع ، ثم أمسك الله يده فلم يستطع أن يسله ولا يغمده ، فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أربد فرآه على ما هو عليه فقال : «اللهم اكفنيهما بما شئت اللهم أهد بني عامر واغن الدين عن عامر» فانطلقا وعامر يقول : والله لأملأنها عليك خيلا دهما (١٥) ووردا (١٦) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يأبى الله ذلك وأبناء قيلة ، يعني الأنصار» ثم قال عامر لأربد : ويلك لم أمسكت عنه ، فقال : والله ما هممت به مرة إلّا رأيتك ولا أرى غيرك أفأضربك بالسيف وسارا.
فأما عامر فطرح الله عليه الطاعون في عنقه فقتله في بيت امرأة من بني سلول فجعل يقول : أغدة كغدة البكر (١٧) في بيت امرأة من بني سلول ، وركب فرسه فركضه (١٨) حتى مات.
وأما أربد فقدم على قومه فقالوا : ما وراءك يا أربد ، فقال : والله لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بنبلي هذا حتى أقتله ، ثم خرج بعد مقالته بيوم أو يومين ومعه جمال له تتبعه ، فأرسل الله عليه وعلى جماعته صاعقة أحرقتهم ، وقيل : نزل في صاعقته قول الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) (١٩) يعني خوفا من الصواعق وطمعا في المطر ، وفيه يقول لبيد بن ربيعة وهو أخو أربد لأمه :
أخشى على أربد الحتوف ولا |
|
أرهب نوء السماك والأسد |
أفجعني الرعد والصواعق بالفا |
|
رس يوم الكريهة النجد |
__________________
(١٥) خيلا دهما : خيلا سودا.
(١٦) الورد : الخيل لونها ما بين الكميت والأشقر.
(١٧) البكر : البعير.
(١٨) ركضه : رماه وداسه.
(١٩) سورة الرعد الآية (١٢).