امرأتي فقلت ثكلتك أمك إني رأيت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا لا صبر لي عليه فما عندك ، قالت عندي صاع من شعير وعناق (٤) ، قال فطحنا الشعير وذبحنا العناق وطبخناها وجعلناها في البرمة (٥) وعجنا العجين ثم رجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلبثت ساعة ثم استأذنت ثانية فأذن لي فجئت فإذا بالعجين قد أمكن فأمرتها بالخبز وجعلت القدر على الأثافي (٦) ثم جئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشاورته وقلت عندنا طعيم لنا فإن رأيت أن تقوم معي أنت ورجل أو رجلان معك فعلت فقال : «ما هو وكم هو» قلت : صاع من شعير وعناق ، فقال : «ارجع إلى أهلك فقل لها لا تنزع البرمة من الأثافي ولا يخرج الخبز من التنور حتى آتي» ، ثم قال للناس : «قوموا إلى بيت جابر» ، فاستحييت حياء لا يعلمه إلّا الله تعالى فقلت لامرأتي قد جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأصحابه أجمعين ، فقالت : أكان سألك كم الطعام ، قلت : نعم ، قالت : الله ورسوله أعلم قد أخبرته بما كان عندنا ، فذهب عني بعض ما أجده وقلت لها صدقت ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدخل ثم قال لأصحابه : «لا تضاغطوا (٧)» ثم برّك (٨) على التنور والبرمة ، فجعلنا نأخذ من التنور الخبز ونأخذ من البرمة اللحم فنثرد ونغرف ونقرب إليهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليجلس على الصحفة سبعة أو ثمانية» فلما أكلوا كشفنا التنور والبرمة فإذا هما قد عادا إلى أملأ مما كانا عليه حتى شبع المسلمون كلهم وبقيت طائفة من الطعام ، فقال لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الناس قد أصابهم مخمصة (٩) فكلوا وأطعموا» ، فلم نزل يومنا نأكل ونطعم ، قال فأخبرني أنهم كانوا ثمانمائة أو قال مائتين أقل من الثمانمائة ، وهذا نظير معجزة عيسى عليهالسلام في المائدة.
__________________
(٤) العناق : انثى الماعز الصغيرة لم تتم السنة.
(٥) البرمة : وعاء من الفخار.
(٦) الأثافي : ثلاثة أحجار توضع عليها القدر وتوقد تحتها النار.
(٧) لا تصاغطوا : لا تتدافعوا للدخول.
(٨) برّك : دعا بالبركة.
(٩) مخمصة : جوع.