عليهم حين بعث إليهم رسولا كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها وأسالت لهم جداول نعيمها فهم حكام على العالمين وملوك في أطراف الأرضين يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم ويمضون الأحكام على من كان يمضيها فيهم ولقد كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أتاه الملأ من قريش فقالوا : يا محمد! إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من أهل بيتك ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب ، قال لهم : «وما تسألون»؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «إن الله على كل شيء قدير فإن فعل الله ذلك لكم أتؤمنون وتشهدون بالحق»؟ قالوا : نعم ، قال : «فإني سأريكم ما تطلبون وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير وأن منكم من يطرح في القليب ومن يحزب الأحزاب» ، ثم قال : «أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يديّ بإذن الله تعالى» ، قال علي رضي الله تعالى عنه : فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصيف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر فرقة وألقت بعضها الأعلى عليه وببعض أغصانها على منكبيّ وكنت عن يمينه ، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكبارا فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل نصفها كأعجب إقبال وأشده دويا فكادت تلتف برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا كفرا وعتوّا ، فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلا الله فأنا أول مؤمن بك يا رسول الله وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا لنبوتك وإجلالا لكلمتك ، فقال القوم كلهم : با ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه وهل يصدقك في أمرك هذا إلا مثل هذا ـ بعنونني ـ وهذا حكاه خطيبا على الإشهاد وقل أن يخلو جمع مثله ممن يعرف حق ذلك من باطله فكانوا بالموافقة مجمعين على صحته ولولاه لظهر الرد وإن ندر وهذا من أبلغ آيه وأظهر إعجاز له.
ومن آياته صلىاللهعليهوسلم : ما رواه عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد هل من آية فيما تدعو إليه؟ قال : «نعم ، ائت تلك الشجرة فقل لها : رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعوك ، فمالت عن يمينها ويسارها