تشهدون لأنكم معي من قبل الناس وكل شيء أعده الله لكم يخبركم به).
وفي نقل يوحنا عنه : (أن البارقليط لا يجيئكم ما لم أذهب فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة ولا يقول من تلقاء نفسه شيئا ولكنه مما يسمع به يكلمكم ويسوسكم بالحق ويخبركم بالحوادث والغيوب).
وفي نقل آخر عنه : (أن البارقليط روح الحق الذي يرسله باسمي هو يعلمكم كل شيء إني سائل أن يبعث إليكم بارقليط آخر يكون معكم إلى الأبد وهو يعلمكم كل شيء).
وفي نقل آخر عنه : (أن البشير ذاهب والبارقليط بعده يحيي لكم الأسرار ويقيم لكم كل شيء وهو يشهد لي كما شهدت له فإني لأجيئكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل). والبارقليط بلغتهم لفظ من الحمد ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : وأنا أحمد وأنا محمود وأنا محمد.
فهذه من بشائر الأنبياء عن الكتب الإلهية المتناصرة بصحة نبوته المتواترة الأخبار بانتشار دعوته وتأييد شريعته ، ولعل ما لم يصل إلينا منها أكثر ، فمنهم من عيّنه باسمه ، ومنهم من ذكره بصفته ، ومنهم من عزاه إلى قومه ، ومنهم من أضافه إلى بلده ، ومنهم من خصه بأفعاله ، ومنهم من ميزه بظهوره وانتشاره ، وقد حقق الله تعالى جميعها فيه حتى صار جليا بعد الاحتمال ويقينا بعد الارتياب.
فإن قيل : مجيء الأنبياء موضوع لمصالح العالم وهم مأمورون بالرأفة والرحمة ومحمد جاء بالسيف وسفك الدماء وقتل النفوس فصار منافيا لما جاء به موسى وعيسى فزال عن حكمهما في النبوّة لمخالفتهما في السيرة فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : ان الله تعالى بعث كل نبي بحسب زمانه ، فمنهم من بعثه بالسيف لأن السيف أنجع ، ومنهم من بعثه باللطف لأن اللطف أنفع ، كما خالف بين معجزاتهم بحسب أزمانهم ، فبعث موسى بالعصا في زمان السحر ، وبعث عيسى بإحياء الموتى في زمان الطب ، وبعث محمد بالقرآن في زمان الفصاحة ، لأن الناس في بدء أمرهم يتعاطفون مع القلة ثم يتنافرون