الباب السابع عشر
فيما هجست به النفوس من إلهام العقول بنبوته عليهالسلام
العقل إلهي ركّبه الله تعالى في النفوس الناطقة فهو ينذر بالخواص الكائنة حدسا ويعلم بعد الوجود مسا فقل حادث إلّا تقدم نذيره وبحسب خاطره يكون تأثيره ولا حادث أعظم مما جدده الله تعالى بنبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم فاقتضى أن تكون بشائر نبوته أشهر وشواهد آياته أظهر.
فمن الهواجس بنبوته : أن كعب بن لؤي بن غالب كان يجتمع إليه الناس في كل جمعة وكان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية يوم العروبة فسماه كعب يوم الجمعة وكان يخطب فيه الناس ويقول بعد خطبته : حرمكم عظّموه وتمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج به نبي كريم والله لو كنت فيه ذا سمع وبصر ويد ورجل لتنصبت تنصب الخيل ولا رقلت أرقال الفحل ثم يقول :
يا ليتني شاهد فحواء دعوته |
|
حين العشيرة تبغي الحق خذلانا |
ومن هواجس الإلهام : ما حكاه ابن قتيبة أن أبا كريب ابن أسعد الحميري آمن بالنبي صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وقال :
شهدت على أحمد أنه |
|
رسول من الله باري النسم |
فلو مد عمري إلى عمره |
|
لكنت وزيرا له وابن عم |
ومن هواجس الإلهام : ما حكاه عبيد الجرهمي وكان كبير السن عالما