بأخبار الأمم أن تبعا الأصغر وهو تبع بن حسان بن تبع سائر بيثرب فنزل في سفح أحد وذهب إلى اليهود فقتل منهم ثلاثمائة وخمسين رجلا صبرا وأراد خرابها فقام إليه رجل من اليهود كبير السن فقال : أيها الملك مثلك لا يقتل على الغضب ولا يقبل قول الزور ، أمرك أعظم من أن يطير بك برق أو تسرع بك لجاج فإنك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية ، قال : ولم؟ قال : لأنها مهاجر نبي من ولد إسماعيل يخرج من هذه الثنية ـ يعني البيت الحرام ـ فكفّ تبّع ومضى إلى مكة ومعه هذا اليهودي ورجل آخر عالم من اليهود فكسا البيت ونحر عنده ستة آلاف جزور وأطعم الناس وقال :
قد كسونا البيت الذي حرّم الله |
|
ملاء معضدا وبرودا |
وقيل أنه ملك ثلاثمائة وعشرين سنة.
ومن هواجس الإلهام : ما روى هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان يهودي يسكن مكة فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم حضر مجلس قريش فقال : يا معاشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال القوم : والله ما نعلم ، قال : الله أكبر أما إذ أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم ، ولد في هذه الليلة نبي بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنها عرف وثن ، فتصارع القوم عن مجلسهم وهم متعجبون من قوله ، فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا : ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدا ، فانطلق القوم إلى اليهودي فأخبروه ، فقال : اذهبوا بي حتى أنظر إليه ، فأدخلوه عن آمنة وقالوا : اخرجي إلينا ابنك ، فأخرجته وكشفوا عن ظهره فرأى اليهودي تلك الشامة فوقع مغشيا عليه فلما أفاق قالوا له : ما لك؟ قال : ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل يا معشر قريش والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق إلى المغرب ، وكان في القوم الذين أخبرهم اليهودي بذلك هشام بن المغيرة والوليد بن المغيرة وعبيدة بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة فعصمه الله تعالى منهم.
ومثله : أنه كان لقريش في الجاهلية عيد يجتمع فيه النساء دون الرجال