وقد تعاطاه من الشعراء ما خرج عن أسلوبه إلى طريقة شعره فقال في قصة الفيل :
ألا من مهلك الفيل |
|
ومن سار مع الفيل |
بطير صبه الله |
|
عليهم من أبابيل |
رمتهم بجنادل |
|
ترى من طين سجيل |
فأضحى القوم في القاع |
|
كعصف غير مأكول |
فلم يساعده الطبع عليه مع أخذ معانيه واستعمال ألفاظه حتى عاد إلى مطبوع شعره وضمن آخر من الشعراء شيئا منه في شعره فخرج عن أسلوبه حيث يقول :
وقرأ معلنا ليصدع قلبي |
|
والهوى يصدع الفؤاد السقيما |
أرأيت الذي يكذب بالدين |
|
ذاك الذي يدع اليتيما |
فإن قيل لو كان لنظم القرآن أسلوب معجز لما طلب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عند جمع القرآن من يأتيه بالآية والآيتين شهودا أنه سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولاكتفى بأسلوب نظمه عن بينة تشهد به ، ولكان لا يشتبه على ابن مسعود في المعوّذتين حين أخرجهما من القرآن ولا على أبيّ بن كعب في القنوت حين أدخله في القرآن ولا على امرأة ابن رواحة في شعره حتى توهمته من القرآن فعنه جوابان :
أحدهما : أن عمر التمس الشهادة في الآية والآيتين مما لا يكون بانفراده معجزا لأن الإعجاز مختص بما وقع به التحدي وأقل ما يقع به التحدي كأقصر سورة في القرآن آيات وحروفا وهي سورة الكوثر ، وما قصر عنه لا إعجاز فيه فكان طلبه للشهادة متوجها إليه.
والثاني : أنه طلب الشهادة على محلها من أي سورة هي وفي أي موضع منها وإن كان معلوم الأسلوب بالمباينة لأن الله تعالى كان يأمر بوضع ما أنزله فيما يراه من السور لقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (٨) فأما ابن مسعود فلم
__________________
(٨) سورة القيامة الآية (١٧).