فتداولني البيّاع حتى سقطت إلى المدينة ، فاشتراني رجل من الأنصار ، فجعلني في حائط (١) له ، ومن (٢) ثمّ تعلّمت عمل الخوص ، أشتري بدرهم خوصا فأعمله فأبيعه بدرهمين ، فأنفق درهما (٣) ، أحبّ أن آكل من عمل يدي وهو يومئذ أمير على عشرين ألفا.
قال فبلغنا (٤) ونحن بالمدينة أنّ رجلا قد خرج بمكة يزعم أنّ الله أرسله ، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث ، فهاجر إلينا ، فقلت : لأجربنّه ، فذهبت فاشتريت لحم خروف (٥) بدرهم ، ثم طبخته ، فجعلت قصعة من ثريد ، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه.
فقال : «أصدقة أم هديّة»؟ قلت : صدقة.
فقال لأصحابه : «كلوا باسم الله» وأمسك ولم يأكل ، فمكثت أيّاما ، ثم اشتريت (٦) لحما فأصنعه أيضا وأتيته به ، فقال : ما هذه؟ قلت : هدية.
فقال لأصحابه : «كلوا باسم الله» وأكل معهم (٧) قال : فنظرت فرأيت بين كتفيه خاتم النّبوّة مثل بيضة الحمامة ، فأسلمت ، ثم قلت له (٨) :
يا رسول الله أيّ قوم النّصارى؟ قال : «لا خير فيهم» (٩) ، ثم سألته
__________________
(١) حائط : بستان.
(٢) في المعجم «حائط له من نخل فكنت فيه».
(٣) في المعجم «فأردّ درهما في الخوص وأستنفق درهما».
(٤) في نسخة القدسي ٢ / ٥٨ «فبغنا».
(٥) في معجم الطبراني ٦ / ٣٠٠ ومجمع الزوائد ٩ / ٣٤٢ «جزور».
(٦) في معجم الطبراني «اشتريت لحما أيضا بدرهم فأصنع مثلها ، فاحتملتها حتى أتيته بها فوضعتها بين يديه ، فقال ما هذه : هدية أم صدقة؟ قلت : لا ، بل هدية».
وفي مجمع الزوائد «اشتريت أيضا بدرهم لحم جزور» بنحوه.
(٧) في المعجم «قلت : هذا والله يأكل الهديّة ولا يأكل الصدقة».
(٨) في المعجم «ذات يوم».
(٩) في المعجم «وكنت أحبّهم حبّا شديدا لما رأيت اجتهادهم ، ثم إنّي سألته» ..