فقالا : يا غلام هل عندك لبن تسقينا؟ قلت : إنّي مؤتمن ولست بساقيكما ، فقالا : هل عندك من جذعة لم ينزّ عليها الفحل؟ قلت : نعم ، فأتيتهما بها ، فاعتقلها أبو بكر ، وأخذ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الضّرع فدعا ، فحفل الضّرع ، وأتاه أبو بكر بصخرة منقعرة ، فحلب فيها ، ثمّ شربا وسقياني ، ثم قال للضّرع : «اقلص» ، فقلص فلمّا كان بعد ، أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : علّمني من هذا القول الطّيّب ، يعني القرآن فقال : إنّك غلام معلّم ، فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد (١).
فصل في دعوة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عشيرته الى الله
وما بقي من قومه
قال جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي هريرة قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢) دعا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قريشا ، فاجتمعوا فعمّ وخصّ فقال :
«يا بني كعب بن لؤيّ أن أنقذوا أنفسكم من النّار ، يا بني عبد مناف أنقذوا
__________________
(١) صحّح الذهبي الإسناد في سير أعلام النبلاء ١ / ٤٦٥ وقال : ورواه أبو عوانة عن عاصم بن بهدلة ، ورواه إبراهيم بن الحجاج السامي ، عن سلام أبي المنذر ، عن عاصم.
والإسناد حسن لأن عاصم لا يرتقي حديثه إلى درجة الصحيح كما هو معروف في كتب الرجال.
وأخرجه أحمد في مسندة ١ / ٢٧٦ و ٤٦٢ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٣٧ ، وابن جميع الصيداوي في المعجم لشيوخه ، (بتحقيقنا) ٦٨ رقم ٩ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٦ / ١٦٥ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٢٤٦.
وأخرج البخاري العبارة الأخيرة من الحديث (٥٠٠٠) في فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم من طريق عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، قال : خطبنا عبد الله بن مسعود فقال : والله لقد أخذت من فيّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بضعا وسبعين سورة.
والله لقد علم أصحاب النبيّ أني من أعلمهم لكتاب الله ، وما أنا بخيرهم ، قال شقيق : فجلست في الحلق أسمع ما يقولون. فما سمعت رادّا يقول غير ذلك».
(٢) سورة الشعراء الآية ٢١٤.