السّحرة أم أنتم؟ فقال أبو البختريّ ، ومطعم بن عديّ ، وزهير بن أبي أميّة بن المغيرة ، وزمعة بن الأسود ، وهشام بن عمرو ـ وكانت الصّحيفة عنده ، وهو من بني عامر بن لؤيّ ـ في رجال من أشرافهم : نحن براء ممّا في هذه الصّحيفة ، فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل.
وذكر نحو هذه القصّة ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة (١).
وذكر ابن إسحاق نحوا من هذا ، وقال : حدّثني حسين بن عبد الله أنّ أبا لهب ـ يعني حين فارق قومه من الشعب ـ لقي هندا بنت عتبة بن ربيعة ، فقال لها : هل نصرت اللّات والعزّى وفارقت من فارقها؟ قالت : نعم فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة (٢).
وأقام بنو هاشم سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا ، لا يصل إليهم شيء إلّا سرّا مستخفى (٣) به. وقد كان أبو جهل فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد ، ومعه غلام يحمل قمحا ، يريد به عمّته خديجة ، وهي في الشّعب فتعلّق به وقال : أتذهب بالطّعام إلى بني هاشم ، والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة ، فجاءه أبو البختريّ بن هشام فقال : مالك وله! قال : يحمل الطّعام إلى بني هاشم! قال : طعام كان لعمّته عنده أفتمنعه أن يأتيها بطعامها ، خلّ سبيل الرّجل ، فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه ، فأخذ له أبو البختريّ لحي بعير ، فضربه فشجّه ووطئه وطئا شديدا ، وحمزة يرى ذلك ، ويكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فيشمتوا بهم.
__________________
(١) انظر المغازي لعروة ١١٤ ـ ١١٦ ، ودلائل النبوّة لأبي نعيم ١ / ٩٢ ـ ٩٣ ، المستخرج من كتاب التاريخ لابن مندة ـ مخطوطة كوبريللي ٢٤٢ ـ ورقة ١٧ ب ـ ١٨ ، سيرة ابن هشام ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، وطبقات ابن سعد ١ / ٢٠٨ ـ ٢١٠.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ٢ / ١٠٢.
(٣) في السيرة «مستخفيا».