حديث يوم بعاث (١)
قال يونس ، عن ابن إسحاق : حدّثني الحصين بن عبد الرحمن بن سعد ابن معاذ ، عن محمود بن لبيد قال : لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ، ومعه فتية من بني عبد الأشهل ، فيهم إياس بن معاذ ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج ، سمع بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتاهم فقال لهم : هل لكم إلى خير ممّا جئتم له؟ قالوا : وما ذاك؟ قال : أنا رسول الله بعثني الله إلى العباد ، ثم ذكر لهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، فقال إياس ، وكان غلاما حدثا : يا قوم هذا والله خير ممّا جئتم له ، فيأخذ أبو الحيسر حفنة من الحصباء (٢) ، فيضرب بها وجه إياس ، وقال : دعنا منك ، فلعمري لقد جئنا لغير هذا ، فسكت ، وقام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عنهم وانصرفوا إلى المدينة ، وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج ، ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك. قال محمود بن لبيد : فأخبرني من حضره من قومي أنّهم لم يزالوا يسمعونه يهلّل الله ويكبّره ويحمده ويسبّحه حتى مات ، وكانوا لا يشكّون أنّه مات مسلما. وقد كان استشعر منه (٣) الإسلام في ذلك المجلس ، حين سمع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما سمع (٤).
وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان يوم بعاث يوما قدّمه الله عزوجل لرسوله ، فقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وقد افترق ملؤهم
__________________
(١) بعاث : بضم أوّله. موضع على ليلتين من المدينة. (مشارق الأنوار للقاضي عياض).
(٢) في هامش الأصل «البطحاء».
(٣) كذا في المنتقى لابن الملا ، وفي الأصل «من» ، وفي سيرة ابن هشام «كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس» وانظر تاريخ الطبري.
(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ، نهاية الأرب للنويري ١٦ / ٣٠٥ وانظر عيون الأثر لابن سيّد الناس ١ / ١٥٥ ، وسيرة ابن كثير ٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥.