وقال البكّائي ، عن ابن إسحاق : لمّا أراد الله إظهار دينه ، وإعزاز نبيّه (١) ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الموسم الّذي لقيه فيه الأنصار (٢) ، فعرض نفسه على القبائل (٣) ، كما كان يصنع (٤) ، فبينا هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج (٥) ، فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا لقيهم قال : من أنتم؟ قالوا : نفر من الخزرج ، قال : أمن موالي يهود؟ قالوا : نعم ، قال : أفلا تجلسون أكلّمكم؟ قالوا : بلى ، فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، وكان ممّا صنع الله به في الإسلام أنّ يهود كانوا معهم في بلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا [هم] (٦) أهل شرك وأوثان (٧) ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم ، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا : إنّ نبيّنا مبعوث الآن ، قد أظلّ زمانه ، نتبعه ، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلمّا كلّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولئك النّفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض : يا قوم تعلّموا والله إنّه للنّبيّ الّذي توعّدكم (٨) به يهود ، فلا تسبقنّكم إليه ، فأجابوه (٩) وأسلموا وقالوا : إنّا تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم ، وعسى الله أن يجمعهم بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم الّذي أجبناك به (١٠) ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعزّ منك ، ثم انصرفوا (١١).
__________________
(١) زاد ابن هشام «وإنجاز موعده له».
(٢) في السيرة «النفر من الأنصار».
(٣) في السيرة «قبائل العرب».
(٤) في السيرة زيادة «في كل موسم».
(٥) زاد في السيرة «أراد الله بهم خيرا».
(٦) إضافة من السيرة على الأصل.
(٧) في السيرة «وأصحاب أوثان».
(٨) هكذا في الأصل ، والسيرة ، ودلائل النبوّة. أو في الدرر لابن عبد البر «تهدّدكم».
(٩) في السيرة «فأجابوه فيما دعاهم إليه ، بأن صدّقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام».
(١٠) في السيرة «أجبناك إليه» ، وفي الدرر «أجبناك له».
(١١) في السيرة «ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم ، وقد آمنوا وصدّقوا».