هانئ ، عن ابن عبّاس ، فذكر معنى الحديث ، وزاد فيه : وأذن الله عند ذلك بالخروج ، وأنزل عليه بالمدينة (الأنفال) يذكر نعمته عليه وبلاءه عنده (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ) (١) الآية.
سياق خروج النّبي صلىاللهعليهوسلم الى المدينة مهاجرا
قال عقيل : قال ابن شهاب ، وأخبرني عروة أنّ عائشة زوج النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قالت : لم أعقل أبويّ إلّا وهما يدينان الدّين ، ولم يمرّ علينا يوم إلّا ويأتينا فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم طرفي النّهار بكرة وعشيّا (٢) ، فلمّا ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل أرض الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد (٣) ، لقيه ابن الدّغنّة وهو سيّد القارة (٤) ، قال : أين تريد يا أبا بكر؟ قال : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربّي ، قال : إنّ مثلك لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرّحم ، وتحمل الكلّ ، وتقري الضّيف ، وتعين على نوائب الحقّ ، وأنا لك جار ، فارجع فاعبد ربّك ببلادك ، وارتحل ابن الدّغنّة مع أبي بكر ، فطاف في أشراف قريش ، فقال لهم : إنّ أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكلّ ، ويقري الضّيف ، ويعين على نوائب الحقّ! فأنفذت قريش جوار ابن الدّغنّة ، وقالوا له : مر أبا بكر يعبد ربّه في داره ، فليصلّ وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنّا نخشى أن يفتن أبناءنا ونساءنا ،
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢٣.
وكتب هنا في حاشية الأصل : «بلغت قراءة في الميعاد الثالث عشر ، على مؤلّفه الحافظ أبي عبد الله الذهبي. كتبه عبد الرحمن البعلي».
(٢) في الصحيح «عشيّة».
(٣) في ضبطها خلاف (مشارق الأنوار للقاضي عياض).
(٤) (القارة) بتخفيف الراء ، قبيلة تحذق الرمي.