قتادة ائتني بالميضأة ، فأتيته بها فقال : حلّ لي غمري ـ يعني قدحه ـ فحللته ، فجعل يصبّ فيه ويسقي النّاس ، فقال : «أحسنوا الملء ، فكلّكم سيصدر عن ريّ ، فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فصبّ لي فقال : اشرب ، قلت : اشرب أنت يا رسول الله ، قال : إنّ ساقي القوم آخرهم شربا ، فشربت ثم شرب بعدي ، وبقي من الميضأة نحو ممّا كان فيها ، وهم يومئذ ثلاثمائة.
قال عبد الله : فسمعني عمران بن حصين وأنا أحدّث هذا الحديث في المسجد ، فقال : من الرجل؟ فقلت : أنا عبد الله بن رباح الأنصاريّ ، فقال : القوم أعلم بحديثهم ، انظر كيف تحدّث فإنّي أحد السبعة تلك اللّيلة ، فلمّا فرغت قال : ما كنت أحسب أنّ أحدا يحفظ هذا الحديث غيري. ورواه بكر بن عبد الله المزنيّ أيضا عن عبد الله بن رباح. رواه مسلّم (١).
وقال الأوزاعيّ : حدّثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، حدّثني أنس قال : أصابت النّاس سنة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر يوم الجمعة يخطب النّاس ، فأتاه أعرابيّ فقال : يا رسول الله هلك المال وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع يديه وما نرى في السّماء قزعة (٢) ، فو الّذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثارت سحابة (٣) أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن المنبر حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته ، فمطرنا يومنا ذلك ، ومن الغد ، ومن بعد الغد ، حتى الجمعة الأخرى ، فقام ذلك
__________________
(١) في الصحيح (٦٨١) كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها ، وأخرجه عبد الرزاق في المصنّف ١١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ رقم (٢٠٥٣٨) باب النبوّة ، وانظر مثله في الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٨٠ ـ ١٨٢.
(٢) أي قطعة من الغيم.
(٣) في حاشية الأصل و (ع) : السحاب.