قال قبضة ـ من شعير ، وقبضة من قرظ ، نحو الصّاعين ، وإذا أفيق (١) معلّق أو أفيقان ، قال : فابتدرت عيناي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما يبكيك يا بن الخطّاب»؟ قلت : يا رسول الله وما لي لا أبكي وأنت صفوة الله ورسوله وخيرته (٢) ، وهذه خزانتك! وكسرى وقيصر في الثمار والأنهار ، وأنت هكذا ، فقال : «يا بن الخطّاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا»؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : «فاحمد الله تعالى». أخرجه مسلّم (٣).
قال معمر ، عن الزّهريّ ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن ابن عبّاس ، عن عمر في هذه القصّة ، قال : فما رأيت في البيت شيئا يردّ البصر إلّا أهب ثلاثة ، فقلت : ادع الله يا رسول الله أن يوسّع على أمّتك ، فقد وسّع على فارس والروم ، وهم لا يعبدون الله ، فاستوى جالسا وقال : «أفي شكّ أنت يا بن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا». فقلت : استغفر الله ، وكان أقسم أن لا يدخل على نسائه شهرا من شدّة موجدته عليهنّ حتى عاتبه الله تعالى. اتفقا عليه من حديث الزّهريّ (٤).
قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن المعدّل ، سنة أربع وتسعين ، أخبركم العلّامة أبو محمد بن قدامة ، أنّ شهدة بنت أبي نصر أخبرتهم ، أنا أبو غالب الباقلّاني ، أنا أبو عليّ بن شاذان ، أنا أبو سهل بن زياد ، ثنا إسماعيل بن إسحاق ، ثنا مسلّم بن إبراهيم ، نا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أنس قال : دخلت على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو على سرير مرمول (٥)
__________________
(١) هو الجلد الّذي لم يتمّ دباغه ، وجمعه : أفق.
(٢) من خلقه.
(٣) في صحيحه من حديث طويل (١٤٧٩) في كتاب الطلاق ، باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهنّ ، وقوله تعالى : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ).
(٤) أخرجه البخاري في النكاح ٦ / ١٤٩ ـ ١٥٠ باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها ، ومسلّم (١٤٧٩) في الحديث السابق.
(٥) أي نسج وجهه بالسّعف.