صورة سوداء شديدة السّواد ، وإذا رجل جعد قطط ، كثّ اللّحية ، غائر العينين ، مقلّص الشّفتين ، مختلف الأسنان ، حديد النّظر كالغضبان ، فقال : أتدرون من هذا؟ قلنا : لا ، قال : هذه صورة موسى عليهالسلام.
وذكر الصّور ، إلى أن قال : قلنا : أخبرنا عن هذه الصّور ، قال : إنّ آدم سأل ربّه أن يريه أنبياء ولده ، فأنزل الله صورهم ، فاستخرجها ذو القرنين من خزانة آدم من مغرب الشمس ، فصوّرها دانيال في خرق الحرير ، فلم يزل يتوارثها ملك بعد ملك ، حتّى وصلت إليّ ، فهذه هي بعينها.
فدعوناه إلى الإسلام فقال : أما والله لوددت أنّ نفسي سخت بالخروج من ملكي واتّباعكم ، وأنّي مملوك لأسوأ رجل منكم خلقا وأشدّه ملكة ، ولكنّ نفسي لا تسخو بذلك. فوصلنا وأجازنا ، وانصرفنا.
باب في خصائصه صلىاللهعليهوسلم
وتحديثه أمّته بها امتثالا لأمر الله لقوله تعالى :
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١)
قرأت على أبي الحسن عليّ بن أحمد الهاشميّ بالإسكندرية ، أخبركم محمد بن أحمد بن عمر ببغداد ، أنا أحمد بن محمد الهاشميّ سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعيّ ، أنا أحمد بن إبراهيم العبقسيّ ، ثنا محمد بن إبراهيم الدّيبلي (٢) سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، ثنا محمد بن أبي الأزهر ، ثنا إسماعيل بن جعفر ، أنا عبد الله بن
__________________
(١) سورة الضحى ـ الآية ١١.
(٢) وردت مصحفة في نسخة دار الكتب ، انظر النسبة في : اللباب لابن الأثير ١ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣ ، والإكمال لابن ماكولا ٣ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.