فانكسرت بقرب جدّة (١) ، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها ، فوجدوا رجلا روميّا عندها ، فأخذوا الخشب (٢) ، وكانت السفينة تريد الحبشة ، وكان الروميّ الّذي في السفينة نجّارا ، فقدموا به وبالخشب ، فقالت قريش : نبني بهذا الّذي في السفينة بيت ربّنا ، فلما أرادوا هدمه إذا هم بحيّة على سور البيت ، مثل قطعة الجائز (٣) سوداء الظّهر ، بيضاء البطن ، فجعلت كلّما دنا أحد إلى البيت ليهدم أو يأخذ من حجارته ، سعت إليه فاتحة فاها ، فاجتمعت قريش : عند المقام (٤) فعجوا (٥) إلى الله وقالوا : ربنا لم نرع (٦) ، أردنا تشريف بيتك وتزيينه (٧) ، فإن كنت ترضى بذلك ، وإلّا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا خوارا في السّماء ، فإذا هم بطائر (٨) أسود الظّهر ، أبيض البطن ، والرّجلين ، أعظم من النّسر ، فغرز مخلابه في رأس (٩) الحيّة ، حتى انطلق بها يجرّها ، ذنبها أعظم من كذا وكذا ساقطا ، فانطلق بها نحو أجياد ، فهدمتها قريش ، وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي ، تحملها قريش على رقابها ، فرفعوها في السماء عشرين ذراعا ، فبينا النّبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحمل حجارة من أجياد ، وعليه نمرة ، فضاقت عليه النّمرة ، فذهب يضعها على عاتقه ، فبرزت عورته من صغر النّمرة ، فنودي : يا محمّد ، خمّر عورتك ، فلم ير عريانا بعد ذلك.
__________________
(١) في المصنّف «حتى إذا كانوا قريبا من جدّه انكسرت السفينة».
(٢) أضاف في المصنّف «أعطاهم إيّاها».
(٣) الجائز : الخشبة التي توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت ، والعوارض : خشب سقف البيت المعرضة (أي الموضوعة بالعرض).
وفي أخبار مكة ١ / ١٥٨ «لها رأس مثل رأس الجدي».
(٤) في المصنّف «الحرم».
(٥) أي رفعوا أصواتهم.
(٦) في نسخة القدسي ٢ / ٤٥ «ترع» وهو تحريف.
(٧) في المصنّف «ترتيبه».
(٨) في المصنّف «أعظم من النسر».
(٩) في المصنّف «فغرز مخاليبه في قفا الحيّة».