وسواد في بياض ، فذلك تسويمها أي علاماتها. قال : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ) يعني قوم لوط (بِبَعِيدٍ) قال : لم تكن تخطئهم.
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٨٤)
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) لم تنصرف مدين لأنها اسم مدينة.
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (٨٦)
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) ابتداء وخبر. وقد ذكرنا معناه وقد قيل : المعنى : ما يبقيه الله جلّ وعزّ لكم من رزقه وحفظه. (خَيْرٌ لَكُمْ) ممّا تأخذونه بالبخس والظلم. (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أي لا يتهيّأ لي أن أحفظكم من إزالة نعم الله جلّ وعزّ عنكم بمعاصيكم.
(قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) (٨٧)
(قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَنْ) في موضع نصب ، وقال الكسائي : موضعها خفض على إضمار الباء ، (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) (أن) في موضع نصب لا غير عطف على (ما) والمعنى أو تأمرك أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وزعم الفراء (١) أنّ التقدير : أو تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وقرأ الضحاك بن قيس أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء بالتاء فأن على هذه القراءة معطوفة على أن الأولى. (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ). قال أبو جعفر : قد ذكرناه وفيه زيادة هي أحسن ممّا تقدم ولأن ما قبلها يدلّ على صحّتها أي أنت الحليم الرشيد فكيف تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا ويدلّ عليها (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) أنكروا لمّا رأوا من كثرة صلاته وعبادته وأنه حليم رشيد أن يكون يأمرك بترك ما كان يعبد آباؤهم ، وهذا جهل شديد أو مكابرة وبعده أيضا ما يدلّ عليه.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (٨٨)
أي أفلا أنهاكم عن الضلال ، (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ) في موضع نصب بأريد.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٥.