لا يجوز أن يكون يوم يرون منصوبا ببشرى لأن ما في خبر التعجّب أو في خبر النفي لا يعمل فيما قبله ولكن فيه تقديران : يكون المعنى : يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة ودلّ على هذا الحذف ما بعده ، ويجوز أن يكون التقدير لا بشرى تكون «يوم يرون الملائكة» و «يومئذ» مؤكد ، ويجوز أن يكون المعنى اذكر يوم يرون الملائكة.
(وَيَقُولُونَ حِجْراً) مصدر أي منعا ومنه حجرت على فلان ، ومنه قيل حجرة.
أي لا ينتفع به أي أبطلناه. وليس هباء من ذوات الهمزة وإنما همزت لالتقاء الساكنين ، والتصغير هبيّ في موضع الرفع ، ومن النحويين من يقول : هبيّ في موضع الرفع.
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) ابتداء وخبر ، وقد ذكرنا مثله قبل هذا في (أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) [الفرقان : ١٥] وحكينا قول الكوفيين أنهم يجيزون : العسل أحلى من الخلّ. وذكر الفراء (١) في هذه الآية ما هو أكثر من هذا ، فزعم أنّ المعنى :
أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرّا من أهل النار ، وليس في مستقرّ أهل النار خير ، فكأنه ردّ على نفسه ، وسمعت علي بن سليمان يقول في هذا ويحكيه إنّ المعنى : لمّا كنتم تعملون عمل أهل النار صرتم كأنكم تقولون : إنّ في ذلك خيرا ، وقيل خير مستقرّا مما أنتم فيه ، وقيل : خير على غير معنى أفعل ، ويكون مستقرّ ظرفا ، وعلى ما مرّ يكون منصوبا على البيان.
(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) الأصل تتشقّق أدغمت التاء في الشين ، وقرأ الكوفيون (تَشَقَّقُ) (٢) حذفوا التاء لأن التاء الباقية تدلّ عليها.
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) مبتدأ وخبر. وأجاز أبو إسحاق نصب الحقّ بمعنى أحقّ الحقّ أو أعني الحقّ. (وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) الفعل منه عسر يعسر وعسر يعسر.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٦٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٣.