ماض في موضع خفض نعت لشيء والمعنى على ما يروى عن ابن عباس : أحكم كلّ شيء خلقه أي جاء به ما أراد لم يتغيّر عن إرادته ، وقول آخر أن كلّ شيء يخلقه حسن لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله ، وهو دالّ على خالقه. قال أبو إسحاق : ويجوز الذي أحسن كل شيء خلقه بالرفع بمعنى ذلك خلقه. (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) يعني آدم صلىاللهعليهوسلم.
(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ) مشتقّ من سللت الشيء وفعالة للقليل. (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال أبو إسحاق : أي ضعيف ، وقال غيره : أي لا خطر له عند الناس.
(ثُمَّ سَوَّاهُ) يعني الماء. (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) أي الّذي يحيا به. (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) فوحّد السمع وجمع الأبصار ، لأنّ السمع في الأصل مصدر ، ويجوز أن يكون واحدا يدلّ على جمع (وَالْأَفْئِدَةَ) جمع فؤاد وهو القلب.
وقالوا أأذا ضللنا في الأرض أأنا (١) لفي خلق جديد ويقرأ (أَإِنَّا) في هذا سؤال صعب من العربية يقال : ما العامل في «إذ» و «إنّ» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها؟ والسؤال في الاستفهام أشدّ لأن ما بعد الاستفهام أجدر أن لا يعمل فيما قبله من «أنّ» كيف وقد اجتمعا؟ فالجواب على قراءة من قرأ أنا أنّ العامل ضللنا ، وعلى قراءة من قرأ (أَإِنَّا) أن العامل مضمر ، والتقدير : أنبعث إذا متنا ، وفيه أيضا سؤال يقال : أين جواب إذا على القراءة الأولى لأن فيها معنى الشرط؟ فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا فلذلك جاز هذا ، وعن أبي رجاء وطلحة أنهما قرءا (أَإِذا ضَلَلْنا) (٢) وهي لغة شاذة ، وعن الحسن ا إذا صللنا بالصاد ، وهكذا رواها الفراء (٣) ، وزعم أنها تروى عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يعرف صللنا ، يقال : صل اللحم وأصل ، وخمّ وأخمّ إذ أنتن.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) قال أبو إسحاق : هو من توفية العدد أي يستوفي عددكم أجمعين.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ١٩٥ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٢٨٥.
(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ١٩٥.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١١.