(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) فيه أربع أوجه من القراءات : قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر يروى عن مجاهد (وَلَقَدْ صَدَّقَ) (١) بالتخفيف. (عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ) بالرفع. (ظَنَّهُ) بالنصب. وقرأ ابن عباس ويحيى بن وثاب والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي (صَدَّقَ) بالتشديد ، وقرأ أبو الهجهاج : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه (٢) بنصب إبليس ورفع ظنه ، قال أبو حاتم : لا وجه لهذه القراءة عندي والله جلّ وعزّ أعلم. قال أبو جعفر : وقد أجاز هذه القراءة الفراء وذكرها أبو إسحاق ، وقال :
المعنى : صدّق ظنّ إبليس إبليس بما اتّبعوه ، والقراءة الرابعة (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) (٣) برفع إبليس وظنّه. والقراءة الأولى (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) معناها في ظنّه. قال أبو إسحاق : هو منصوب على المصدر ، والقراءة الثانية (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) بنصب «ظنه» بوقوع الفعل عليه. قال مجاهد : ظنّ ظنّا فكان كما ظن فصدّق ظنّه ، وعن ابن عباس قال : إبليس خلق آدم من طين فهو ضعيف وأنا من نار فلأحتنكنّ ذرّيّته إلّا قليلا فكان كما قال. وقال الحسن : ما ضربهم بسوط ولا بعصا ، وإنما ظنّ ظنّا فكان كما ظنّ بوسوسته. (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) نصب بالاستثناء ، وفيه قولان : أحدهما أنه يراد به بعض المؤمنين فأما ابن عباس فعنه أنه قال : هم المؤمنون كلّهم.
(مِنْ) زائدة للتوكيد. وأهل التفسير يقولون السلطان الحجّة. (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) وقد علم الله جلّ وعزّ ذلك غيبا ، وهذا علم الشهادة الذي تجب به الحجّة هذا قول أكثر أهل اللغة ، وهو عند بعضهم مجاز أي ليكون هذا علمه جازى عليه ، وقول ثالث ، وهو مذهب الفراء يكون المعنى : إلّا لنعلم ذلك عندكم ، كما قال : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) [النحل : ٢٧]. أي على قولكم وعندكم.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) في الكلام حذف ، والمعنى : قل ادعوا الّذين زعمتم أنّهم آلهة لكم من دون الله لينفعوكم أو ليدفعوا عنكم ما قضاه الله جلّ وعزّ
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٧ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٢٩.
(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٦٣.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه ١٢١.