مرّة» (١) ويقال : آب يؤوب إذا رجع ، كما قال : [مخلع البسيط]
٣٧٩ ـ وكلّ ذي غيبة يؤوب |
|
وغائب الموت لا يؤوب (٢) |
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ) في موضع نصب على الحال. ويروى أنها كانت تجيبه بالتسبيح ، وقيل : سخّرها الله جلّ وعزّ لتسير معه فذلك تسبيحها ؛ لأنها دالّة على تنزيه الله جلّ وعزّ عن شبه المخلوقين. (بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) من أشرقت الشمس إذا أضاءت وصفت. وعن ابن عباس قال : صلاة الضحى مذكورة في كتاب الله جلّ وعزّ ، وقرأ «يسبّحن بالعشيّ والإشراق».
(إِنَّا سَخَّرْنَا) معطوف على الجبال. قال الفراء (٣) : ولو قرئ (والطّير محشورة) لجاز لأنه لم يظهر الفعل ، وكذا لو قرئ (وشددنا ملكه) (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) فعولان (وَفَصْلَ الْخِطابِ) معطوف عليه.
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) وبعده (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) لأنّ الخصم يؤدّي عن الجمع وهو مصدر في الأصل من خصمته خصما. وحقيقته في العربية إذا قلت : القوم خصم له ، معناه ذوو خصم ثم أقمت المضاف إليه مقام المضاف ، وقد يقال : خصوم كما يقال : عدول.
(إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ) فجاءت إذ مرتين لأنهما فعلان ، وزعم الفراء (٤) إحداهما بمعنى «لمّا». وقول آخر أن تكون الثانية وما بعدها تبيينا لما قبلها. (قالُوا لا تَخَفْ) حذفت الضمة من الفاء للجزم ، وحذفت الألف المنقلبة من الواو لئلا يلتقي ساكنان (خَصْمانِ) وقبل هذا (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) لأن اثنين جمع. قال الخليل رحمهالله :
كما تقول : نحن فعلنا ، إذا كنتما اثنين ، وقال الكسائي : جمع لما كان خبرا فلما انقضى
__________________
(١) أخرجه أبو داود في سننه ـ الصلاة رقم الحديث (١٥١٥) ، وابن ماجة في سننه الحديث رقم (٣٨١٥).
(٢) الشاهد لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٦ ، ولسان العرب (أوب) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٦٠٨ ، ومقاييس اللغة ١ / ١٥٣.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٠١.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٠١.