(الْجِيادُ) جمع جواد للفرس إذا كان شديد الحضر ، كما يقال للإنسان : جواد إذا كان سريع العطيّة غزيرها غير أنه يقال : قوم أجواد وخيل جياد وقد قيل : جياد جمع جائد. وقائل هذا يحتجّ بأنه لو كان جمع جواد لقيل جواد ، كطويل وطوال. ويقال في جمع جواد : جوداء وأجوداء وجود بإسكان الواو وجوود بضمها.
(فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) الفراء (١) يقدّره مفعولا أي آثرت حبّ الخيل ، وغيره يقدره مصدرا وهو يقدّر الخيل بمعنى الخير ، وغيره يقول : معنى (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) أنه كان في صلاة فجيء إليه بخيل لتعرض عليه قد غنمت فأشار إليها بيده لأنه يصلّي حتّى توارت الخيل ، وسترها جدر الإصطبلات فلمّا فرغ من صلاته قال : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً) (٢) أي فأقبل يمسحها مسحا. وفي معناه قولان : أحدهما أنه أقبل يمسح سوقها وأعناقها بيده إكراما منه لها ، وليري أن الجليل لا يقبح به أن يفعل مثل هذا بخيله.
وقال قائل هذا القول : كيف يقتلها وفي ذلك إفساد المال ومعاقبة من لا ذنب له؟ وقيل المسح هاهنا القطع أذن له في قتلها. والسّوق جمع ساق مثل دار ودور ، وفي أقلّ العدد أسوق. والساق مؤنّثة.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) أي اختبرناه بما يثقل عليه (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) قيل يعني به ولدا له ميّتا. وذلك أنه طاف على جواريه ، وقال : أرجو أن تلد كلّ واحدة منهم ذكرا ، وفي الحديث أنه لم يقل إن شاء الله فلم تحمل إلّا واحدة منهن ، ومات الولد وألقي على كرسيّه فتنة على محبّة الدّنيا ، والرغبة فيها ، واستدعاء الولد ، وأنه لا ينبغي أن يكون كذا (ثُمَّ أَنابَ) أي رجع عما كان عليه. وقد قيل : جسد شيطان.
(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) قيل : ليس في هذا دليل على أنّ ذلك الفعل منه ذنب ، لأنه قد يكون له أن يستغفر مما عمله قبل النبوة أو يستغفر مما يعرض له.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٠٥.
(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٨٠.