(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) أي قرين. (وَحُسْنَ مَآبٍ) أي مرجع.
(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) على البدل. (إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) وقرأ عيسى ابن عمر (إنّي) (١) بكسر الهمزة. قال الفراء (٢) : واجتمعت القراء على أن قرءوا «بنصب» بضم النون والتخفيف. وهذا غلط ويعدّ مناقضة أيضا ، لأنه قال : اجتمعت القراء على هذا ، وحكي بعده أنهم ذكروا عن يزيد بن القعقاع أنه قرأ (بنصب) (٣) بفتح النون والصاد فغلط على أبي جعفر ، وإنّما قرأ أبو جعفر (بنصب) بضم النون والصاد ، كذا حكاه أبو عبيد وغيره ، وهو يروى عن الحسن فأما (بنصب) فهو قراءة عاصم الجحدري ويعقوب الحضرمي وقد رويت هذه القراءة أيضا عن الحسن ، وقد حكي (بنصب). وهذا كلّه عند أكثر النحويين بمعنى النّصب. فنصب ونصب كحزن وحزن ، وقد يجوز أن يكون نصّب جمع نصب كوثن ووثن ، ويجوز أن يكون نصب بمعنى نصب حذفت منه الضمة فأما (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] فقيل : إنه جمع نصاب ونصب على أصل المصدر. وقد قيل في معنى (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) : أنه ما يلحقه من وسوسته لا غير ، والله أعلم.
(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) قال الكسائي : أي قلنا ، وقال محمد بن يزيد : الرّكض التحريك ولهذا قال الأصمعي : يقال ركضت الدابة ولا يقال : ركضت هي ، لأن الركض إنما هو تحريك راكبها برجليه ولا فعل لها في ذلك ، وحكى سيبويه : ركضت الدابة فركضت هي مثل جبرت العظم فجبر وحزنته فحزن.
(وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) تأوّل هذا مجاهد على أن الله جلّ وعزّ ردّ عليه أهله فأعطاه مثلهم في الآخرة فصار له أهله في الدنيا ومثلهم معهم في الآخرة. فأما ما يروى عن عبد الله بن مسعود لمّا بلغه أن مروان قال : إنّما أعطي عوضا من أهله ولم يعطهم بأعيانهم فقال : ليس كما قال بل أعطي أهله ومثلهم معهم ، فتأول هذا القول بعض العلماء على أن الله جلّ وعزّ ردّ عليه من غاب من أهله ، وولد له مثل من مات وأعطي من نسلهم مثلهم (رَحْمَةً) بالنصب على المصدر. قال أبو إسحاق : هو مفعول له
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٨٣.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٠٥.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٠٥ ، البحر المحيط ٧ / ٣٨٤.