(قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) فإن خفّفت الهمزة جعلتها بين الهمزة والواو ، ولهذا كتبت واوا وحكى الكسائي والفراء (١) في التخفيف وجهين آخرين : «قل من يكلوكم» بفتح اللام وإسكان الواو ، وحكيا «من يكلاكم» قال : فأما «يكلاكم» فخطأ من جهتين إحداهما : أنّ بدل الهمزة إنما يجوز في الشعر ، والجهة الأخرى : أنهما يقولان في الماضي : كليته فينقلب المعنى ؛ لأن المعنى كليته أوجعت كليته ، ومن قال لرجل : كلأك الله ، فقد دعا عليه بأن يصيبه الله بوجع في كليته ، والدليل على هذا أنه لا يقال : رجل مكليّ إلّا من هذا ، هكذا السماع ، ولا نلتفت إلى سماع لا يصحّ. وأما (يَكْلَؤُكُمْ) فقد حكى مثله سيبويه (٢) في آخر الكلمة إنّ من العرب من يقول : هو الوثو (٣) فيبدل من الهمزة واوا حرصا على تبيينها ، وفي الخفض من الوثي ، وهو الكلو ، ومن الكلي ، وأخذت الكلا.
قال الفراء (٤) : ومن قال : يكلوهم قال في الماضي : كلات فيترك النبرة.
قرأ أبو عبد الرحمن السلمي ولا تسمع الصم الدعاء (٥) جعلهما مفعولين فردّ عليه بعض أهل اللغة وقال : كان يجب على قوله إذا ما تنذرهم. قال أبو جعفر : وذلك جائز لأنه قد عرف المعنى.
(مِثْقالَ حَبَّةٍ) (٦) اسم كان ولا خبر لها ؛ لأنها بمعنى وقع ، ويجوز النصب على أن تضمر فيها اسمها.
وروي عن ابن عباس وعكرمة ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء (٧) بغير واو ، وزعم الفراء (٨) أنّ حذف الواو والمجيء بها واحد ، كما قال جلّ وعزّ :
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٤.
(٢) انظر الكتاب ٤ / ٢٩٠.
(٣) الوثء : الوهن.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٥.
(٥) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٥.
(٦) انظر تيسير الداني ١٢٦.
(٧) انظر المحتسب ٢ / ٦٤.
(٨) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٥.