(وَحِفْظاً) [الصافات : ٦ و ٧] وردّ عليه هذا القول أبو إسحاق ؛ لأن الواو تجيء لمعنى فلا تزاد. قال : وتفسير الفرقان : التوراة ، لأنّ فيها الفرق بين الحلال والحرام. قال :
«وضياء» مثل (فِيهِ هُدىً وَنُورٌ) [المائدة : ٤٦] ، وأجاز الفراء (١) (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ) بمعنى أنزلناه مباركا.
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ) مفعولان. قال الفراء : «رشده» هداه.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) قال أبو إسحاق «إذ» في موضع نصب أي آتيناه رشده في ذلك الوقت.
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ) فجاء مذكّرا لأنهم جعلوا الأصنام بمنزلة ما يعقل في عبادتهم إياها (إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) على الاستثناء.
قال أبو إسحاق : إبراهيم ، يرتفع من جهتين على معنى : هو إبراهيم والمعروف به إبراهيم ، وعلى النداء. قال أبو جعفر : واسم ما لم يسمّ فاعله على مذهب الخليل رحمهالله وسيبويه له ، كما تقول : سيريه. وعلى مذهب محمد بن يزيد اسم ما لم يسمّ فاعله مضمر أي يقال له القول واحتيج إلى الإضمار ، لأن إبراهيم لا يجوز أن يكون اسم ما لم يسمّ فاعله بل ذلك محال على كل قول ؛ لأنه من قال : قلت زيدا منطلقا ، على اللغة الشاذة لم يقل :
كلّمته فقلت له إبراهيم ولم يقل هذا إلّا بالرفع ، وإن كانت تلك اللغة شاذة لا يتكلّم بها في كتاب الله عزوجل لشذوذها وخروجها على القياس ، ولو لا أنّ هذا القول لم يقله أحد من العلماء علمناه لزدنا في الشرح ولكن غنينا عن ذلك بما تقدّم وبما وصفناه ، وأنه يلزم من رفع هذا على أنه اسم ما لم يسمّ فاعله أن يقول : قلت زيدا ، كما أنه إذا قال : يضرب زيد قال : ضربت زيدا ، ولا يقول أحد : قلت زيدا ، ولا له معنى ، ويلزمه أن يقرأ (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ) [الكهف : ٥] بالنصب ، فإذا لزمه ما لا يقوله أحد استغنى عن الزيادة. ولو لم يكن في هذا إلّا أنّ النحويين يعلّمون المتعلّم أنّ ما بعد القول محكيّ ، فيقولون : قلت له زيد خارج ، وكذا قيل له ، لا فرق بين الفعلين في الحكاية.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٦.