عطفا على «من». قال أبو إسحاق : ويجوز «والطير» بمعنى مع الطير ، ولم يقرأ به. قال أبو جعفر : وسمعته يجيز قمت وزيدا ، بمعنى مع زيد. قال : وهو أجود من الرفع. قال : فإن قلت : قمت أنا وزيد ، كان الأجود الرفع ، ويجوز النصب. (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) يجوز أن يكون المعنى : كلّ قد علم الله صلاته وتسبيحه. ومن هذه الجهة يجوز نصب كلّ عند البصريين والكوفيين. قال أبو إسحاق : والصلاة للناس والتسبيح لغيرهم ولهم ، ويجوز أن يكون المعنى : كلّ قد علم صلاة نفسه وتسبيحه.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) يقال : «بين» لا يقع إلّا لاثنين فصاعدا فكيف جاء بينه؟ فالجواب أن بينه هاهنا لجماعة السحاب ، كما تقول : الشجر حسن ، وقد جلست بينه. وفيه قول آخر : وهو ، أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال : بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة كما قال الشاعر : [الطويل]
٣٠٨ ـ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل (١) |
فأوقع بينا على الدخول وهو واحد لاشتماله على مواضع. هذا قول النحويين ، إلا الأصمعي فإنه زعم أن هذا لا يجوز وكان يرويه «بين الدّخول وحومل» ، قرأ ابن عباس والضحاك (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) (٢) وخلل : واحد خلال مثل جمل وجمال ، وهو واحد يدلّ على جمع. (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) من قال : إنّ المعنى من جبال برد فيها ، فبرد عنده في موضع خفض هكذا يقول الفراء (٣) ، كما تقول : الإنسان من لحم ودم ، والإنسان لحم ودم ، ويجب أن يكون على قوله : المعنى من جبال برد فيها بتنوين الجبال ، لأنه قال: الجبال هي البرد. فأما على قول البصريين
__________________
(١) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٨ ، والأزهيّة ٢٤٤ ، وجمهرة اللغة ٥٦٧ ، والجنى الداني ٦٣ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٤٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٦٣ ، ولسان العرب (آ) ، ومجالس ثعلب ١٢٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٩ ، وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٦٥٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٥٩ ، وجمهرة اللغة ٥٨٠ ، والدرر ٦ / ٨٢ ، ورصف المباني ٣٥٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤١٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣١٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٢٦.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٥٦.