(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢٣)
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ومن نصب قال : إلّا إياه وأجاز الكوفيون إلّاه على أن الهاء في موضع نصب ، وأنشدوا : [البسيط]
٤٧٧ ـ فما نبالي إذا ما كنت جارتنا |
|
ألّا يجاورنا إلّاك ديّار(١) |
قال أبو جعفر : وهذا خطأ عند البصريين لا يقع بعد «إلّا» ضمير منفصل لاختلافه ، وأنشد محمد بن يزيد : «ألّا يجاورنا سواك ديّار» (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) نعت والملك مشتقّ من الملك والمالك مشتقّ من الملك ، و «القدّوس» مشتقّ من القدس وهو الطهارة كما قال حسان بن ثابت : [الوافر]
٤٧٨ ـ وجبريل أمين الله فينا |
|
وروح القدس ليس له كفاء(٢) |
قال كعب : روح القدس جبرائيل عليهالسلام. قال أبو زيد : القدس الله جلّ وعزّ وكذا القدوس وقال غيره : قيل لجبرائيل صلىاللهعليهوسلم : روح الله لأنه خلقه من غير ذكر وأنثى ومن هذا قيل لعيسى صلىاللهعليهوسلم: روح الله جلّ وعزّ لأنه خلقه من غير ذكر ، والله القدوس أي مطهّر مما نسبه إليه المشركون. وقرأ أبو الدينار الأعرابي (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) بفتح القاف. قال أبو جعفر : ونظير هذا من كلام العرب جاء مفتوحا نحو سمّور وشبّوط ولم يجيء مضموما إلّا «السّبّوح» و «القدّوس» وقد فتحا (السَّلامُ) أي ذو السلامة من جميع الآفات. والسلام في كلام العرب يقع على خمسة أوجه : السلام التحيّة ، والسلام السّواد من القول قال الله تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) [الفرقان : ٦٣] ليس يراد به التحية ، والسلام جمع سلامة ، والسلام بمعنى السلامة كما تقول : اللّذاذ واللّذاذة ، «السلام» اسم الله من هذا أي صاحب السلامة والسلام شجر قوي واحدها سلامة. قال أبو إسحاق : سمّي بذلك لسلامته من الآفات. (الْمُؤْمِنُ) (٣) فيه ثلاثة أقوال : منها أن معناه الذي آمن عباده من جوره ، وقيل : المؤمن الذي آمن أولياءه من عذابه ، وقال أحمد بن يحيى ثعلب الله جلّ وعزّ : المؤمن لأنه يصدّق عباده
__________________
(١) الشاهد بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٩ ، وأمالي ابن الحاجب ٣٨٥ ، وأوضح المسالك ١ / ٨٣ ، وتخليص الشواهد ١٠٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٧٨ ، والخصائص ١ / ٣٠٧ ، والدرر ١ / ١٧٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٤٨ ، وشرح شواهد المغني ٨٤٤ ، وشرح ابن عقيل ٥٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٤١.
(٢) الشاهد لحسّان بن ثابت في ديوانه ص ٧٥ ، ولسان العرب (كفأ) و (جبر) ، وكتاب العين ٥ / ٤١٤ ، وتهذيب اللغة ١٠ / ٣٨٩ ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ٩٦ ، وتاج العروس (كفأ) ، و (جبر) ، وأساس البلاغة (كفأ).
(٣) انظر البحر المحيط ٨ / ٢٤٩.