يزيد : أي متعاسرون ، من شكس يشكس فهو شكس مثل عسر يعسر عسرا فهو عسر. (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) هذه قراءة أهل المدينة وأهل الكوفة ، وقرأ ابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأبو عمرو وابن كثير. (وَرَجُلاً سَلَماً) فسّرها ابن عباس قال : خالصا. قال أبو جعفر : ومال أبو عبيد إلى هذه القراءة قال : لأن السالم ضد المشرك ، والسلم ضد الحرب ولا معنى للمحارب هاهنا. قال أبو جعفر : وهذا الاحتجاج لا يلزم لأن الحرف إذا كان له معنيان لم يحمل إلّا على أولاهما فهذا وإن كان السلم ضد الحرب فله موضع أخر ، كما يقال : كان لك في هذا المنزل شركاء فصار سلما لك ويلزمه أيضا في سالم ما لزمه في غيره ؛ لأنه يقال : شيء سالم لا عاهة به. والقراءتان حسنتان قد قرأ بهما الأئمة.
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٣٠)
وقراءة ابن محيصن وابن أبي إسحاق وعيسى إنّك مائت وإنّهم مائتون. قال أبو جعفر : وهي قراءة حسنة ومثل هذه الألف تحذف في السواد. ومائت في المستقبل كثير في كلام العرب ، ومثله : ما كان مريضا وإنّه لمارض من هذا الطعام. وميّت جائز أيضا وتخفيفه جائز عند غير أبي عمرو بن العلاء فإنه كان لا يجيز التخفيف في المستقبل.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (٣١)
قيل : يعني في المظالم ، وفي الحديث المسند «أول ما تقع فيه الخصومات الدماء» (١).
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (٣٢)
(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ مَثْوىً) في موضع رفع ولم يتبيّن فيه الإعراب ؛ لأنه مقصور. وهو مشتق من ثوى يثوي ، ولو كان من أثوى لكان مثوى ، وهذا يدلّ على أنّ ثوى هو اللغة الفصيحة. وقد حكى أبو عبيدة أثوى ، وأنشد : [الكامل]
٣٨٨ ـ أثوى وقصّر ليلة ليزوّدا(٢)
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الديات ٦ / ١٧٣.
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ٢٧٧ ، ولسان العرب (خلف) و (ثوا) ، وجمهرة اللغة ص ٦١٥ ، ومقاييس اللغة ١ / ٣٩٣ ، ومجمل اللغة ٢ / ٢١٣ ، وديوان الأدب ٤ / ١٠٩ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ١٦٧ ، وتاج العروس (خلف) ، و (ثوى) ، وبلا نسبة في المخصّص ١٣ / ٢٦٢. وعجزه :
«فمضت وأخلف من قتيله مواعدا»