تدلّ على صحة ما بعدها. و «هم» : تأكيد للكلام.
وفي قوله تعالى : (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) قولان : أحدهما : لا يشعرون أن الله يطلع نبيّه على فسادهم. والثاني : لا يشعرون أن ما فعلوه فساد ، لا صلاح.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣))
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا) ، في المقول لهم قولان : أحدهما : أنهم اليهود ، قاله ابن عباس ، ومقاتل. والثاني : المنافقون ، قاله مجاهد ، وابن زيد.
وفي القائلين لهم قولان : أحدهما : أنهم أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن عبّاس ، ولم يعيّن أحدا من أصحابه. والثاني : أنهم معيّنون ، وهم سعد بن معاذ ، وأبو لبابة وأسيد ، ذكره مقاتل.
وفي الإيمان الذي دعوا إليه قولان : أحدهما : أنه التصديق بالنّبيّ ، وهو قول من قال : هم اليهود. والثاني : أنه العمل بمقتضى ما أظهروه ، وهو قول من قال : هم المنافقون.
وفي المراد بالناس ها هنا ثلاثة أقوال : أحدها : جميع الصحابة ، قاله ابن عباس. والثاني :
عبد الله بن سلام ، ومن أسلم معه من اليهود ، قاله مقاتل. والثالث : معاذ بن جبل ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وجماعة من وجوه الأنصار ، عدّهم الكلبيّ.
وفيمن عنوا بالسفهاء ثلاثة أقوال : أحدها : جميع الصحابة ، قاله ابن عبّاس. والثاني : النساء والصبيان ، قاله الحسن. والثالث : ابن سلام وأصحابه ، قاله مقاتل.
وفيما عنوه بالغيب من إيمان الذين زعموا أنهم السفهاء ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم أرادوا دين الإسلام ، قاله ابن عباس ، والسّدّيّ. والثاني : أنهم أرادوا البعث والجزاء ، قاله مجاهد. والثالث : أنهم عنوا مكاشفة الفريقين بالعداوة من غير نظر في عاقبة ، وهذا الوجه والذي قبله يخرّج على أنهم المنافقون ، والأول يخرّج على أنهم اليهود. قال ابن قتيبة : السّفهاء : الجهلة ، يقال : سفه فلان رأيه ، إذا جهله ، ومنه قيل للبذاء : سفه ، لأنه جهل. قال الزّجّاج : وأصل السّفه في اللغة : خفّة الحلم ، ويقال :
ثوب سفيه : إذا كان رقيقا باليا ، وتسفّهت الريح الشجر : إذا مالت به. قال الشاعر (١) :
مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت |
|
أعاليها مرّ الرّياح النّواسم (٢) |
قوله تعالى : (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ). قال مقاتل : لا يعلمون أنهم هم السّفهاء.
(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤))
قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا). اختلفوا فيمن نزلت على قولين : أحدهما : أنها نزلت في عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، قاله ابن عبّاس (٣). والثاني : أنها نزلت في المنافقين وغيرهم من أهل الكتاب
__________________
(١) هو ذو الرّمّة ـ غيلان بن عقبة.
(٢) النواسم : الرياح الضعيفة الهبوب ، قاله يصف النساء ، وهن يمشين.
(٣) تقدم أنه ورد بسند ساقط.