الله ، فنزلت هذه الآية (١) ، هذا قول الضّحّاك ، والسّدّيّ.
(٢٤٩) والخامس : أن يهود خيبر أتوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فقالوا : نحن على رأيكم ، ونحن لكم ردء ، وهم مستمسكون بضلالتهم ، فأرادوا أن يحمدهم نبيّ الله بما لم يفعلوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة.
والسادس : أن ناسا من اليهود جهّزوا جيشا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، واتّفقوا عليهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله إبراهيم النّخعيّ (٢). والسابع : أن قوما من أهل الكتاب دخلوا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ثم خرجوا من عنده فذكروا للمسلمين أنّهم قد أخبروا بأشياء قد عرفوها ، فحمدوهم ، وأبطنوا خلاف ما أظهروا ، فنزلت هذه الآية ، ذكره الزجّاج (٣).
(٢٥٠) والثامن : أن رجالا من المنافقين كانوا يتخلّفون عن الغزو مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فإذا قدم اعتذروا إليه ، وحلفوا ، وأحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو سعيد الخدريّ ، وهذا القول يدلّ على أنها نزلت في المنافقين ، وما قبله من الأقوال يدلّ على أنها في اليهود.
وفي الذي أتوا ثمانية (٤) أقوال : أحدها : أنه كتمانهم ما عرفوا من الحق. والثاني : تبديلهم التّوراة. والثالث : إيثارهم الفاني من الدنيا على الثّواب. والرابع : إضلالهم النّاس. والخامس : اجتماعهم على تكذيب النبيّ. والسادس : نفاقهم بإظهار ما في قلوبهم ضدّه. والسابع : اتّفاقهم على محاربة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهذه أقوال من قال : هم اليهود. والثامن : تخلّفهم في الغزوات ، وهذا قول من قال : هم المنافقون.
وفي قوله تعالى : (وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا) ستة أقوال : أحدها : أحبّوا أن يحمدوا على إجابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، عن شيء سألهم عنه وما أجابوه. والثاني : أحبّوا أن يقول الناس : إنهم علماء ، وليسوا كذلك. والثالث : أحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصّلاة والصّيام ، وهذه الأقوال الثلاثة عن ابن
____________________________________
(٢٤٩) أخرجه الطبري ٨٣٥٠ عن قتادة مرسلا بنحوه ، و ٨٣٥١ من طريق عبد الرزاق بن معمر عن قتادة مرسلا باختصار. وأخرجه ابن أبي حاتم كما في «الدر» ١ / ١٩٢ عن الحسن مرسلا مختصرا.
(٢٥٠) صحيح أخرجه البخاري ٤٥٦٧ ومسلم ٢٧٧٧ ح ٧ ص ٢١٤٢ والطبري ٨٣٣٥ والواحدي ٢٨٠ من طرق عن أبي سعيد الخدري.
__________________
(١) عزاه الواحدي في «أسباب النزول» ٢٨٣ للضحاك بدون إسناد. وأخرجه الطبري ٨٣٤٠ عن جويبر عن الضحاك مع اختلاف يسير فيه ، وجويبر هو ابن سعيد متروك ، وكرره الطبري ٨٣٣٩ من وجه آخر عن الضحاك ، وكرره ٨٣٤٢ عن السدي نحوه.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أره مسندا ، وعزاه المصنف للزجاج.
(٤) قال أبو جعفر الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٣ / ٥٤٩ عني بذلك أهل الكتاب وتأويل الآية : لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أتوا من كتمانهم الناس أمرك وأنك لي رسول مرسل بالحق ، وهم يجدونك مكتوبا عندهم في كتبهم ، وقد أخذت عليهم الميثاق بالإقرار بنبوتك ، وبيان أمرك للناس ، وأن لا يكتموهم ذلك ، وهم مع نقضهم ميثاقي الذي أخذت عليهم بذلك ، يفرحون بمعصيتهم إياي في ذلك ومخالفتهم أمري.