الوليّ والعدوّ (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أي : إلى التّقوى. والمعنى : أقرب إلى أن تكونوا متّقين ، وقيل : هو أقرب إلى اتّقاء النّار.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠))
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) في معناها قولان :
أحدهما : أن المعنى : وعدهم الله أن يغفر لهم ويأجرهم فاكتفى بما ذكر عن هذا المعنى.
والثاني : أن المعنى : وعدهم فقال : لهم مغفرة. وقد بيّنّا في البقرة معنى «الجحيم» (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١))
في سبب نزولها أربعة أقوال (٢) :
(٤٠٧) أحدها : أن رجلا من محارب قال لقومه : ألا أقتل لكم محمّدا ، فقالوا : وكيف تقتله؟ فقال : أفتك به ، فأقبل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسيفه في حجره ، فأخذه ، وجعل يهزّه ، ويهمّ به ، فيكبته الله ، ثم قال : يا محمّد ما تخافني؟ قال : لا ، قال : لا تخافني وفي يدي السّيف؟! قال : يمنعني الله منك ، فأغمد السّيف ، فنزلت هذه الآية ، رواه الحسن البصريّ عن جابر بن عبد الله. وفي بعض الألفاظ : فسقط السّيف من يده. وفي لفظ آخر : فما قال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم شيئا ولا عاقبه. واسم هذا الرجل : غورث بن الحارث من محارب خصفة.
____________________________________
(٤٠٧) ذكر نزول الآية ضعيف. أخرجه الواحدي ٣٨٥ من طريق ابن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر به ، وإسناده ضعيف ، فيه عنعنة ابن إسحاق والحسن وكلاهما مدلس ، وفيه عمرو بن عبيد ، وهو ضعيف ، والوهن في هذا الخبر بذكر نزول الآية ، وأما أصل الحديث فصحيح. أخرجه البخاري ٤١٣٥ و ٤١٣٦ ومسلم ٨٤٣ والواحدي ٣٨٦ والبيهقي ٦ / ٣١٩ والطبري ١١٥٦٩ من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قبل نجد فلما قفل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتفرّق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ، ونزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت سمرة ، فعلّق بها سيفه ، قال جابر ، فنمنا نومة فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعونا فجئناه ، فإذا عنده أعرابي جالس ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال لي : من يمنعك مني؟ قلت له : الله ، فها هوذا جالس» ثم لم يعاقبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وليس فيه سبب نزول الآية.
والقائلة : شدة الحر. والعضاه : شجر له شوك. واختراط السيف : سله. صلتا : مجردا من غمده.
__________________
(١) سورة البقرة : ١١٩.
(٢) قال الإمام الطبري رحمهالله ٤ / ٤٨٧ : وأولى الأقوال بالصحة في تأويل ذلك : عنى الله بالنعمة التي ذكر في هذه الآية ، نعمته على المؤمنين به وبرسوله ، في استنقاذه نبيهم محمدا صلىاللهعليهوسلم مما كانت اليهود همت به في قتله ومن معه ، يوم سار إليهم نبي الله صلىاللهعليهوسلم في الدية التي كان تحمّلها عن قتيلي عمرو بن أمية.